للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ

"كَيْفَ بِكَ يَا سُرَاقَةُ إِذَا لَبِسْتَ سِوَارَيْ كِسْرَى؟! "

[مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ]

هَبَّتْ قُرَيْشٌ ذَاتَ صَبَاحٍ وَجِلَةً مَذْعُورَةً، فَقَدْ سَرَى فِي أَنْدِيَتِهَا أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ بَارَحَ مَكَّةَ مُسْتَتِرًا بِجُنْحِ الظَّلامِ؛ فَلَمْ يُصَدِّقْ زُعَمَاءُ قُرَيْشِ النَّبَأَ …

وَانْدَفَعُوا يَبْحَثُونَ عَنِ النَّبِيِّ فِي كُلِّ دَارٍ مِنْ دُورِ بَنِي "هَاشِمٍ"

وَيَنْشُدُونَهُ فِي كُلِّ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ أَصْحَابِهِ، حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِمُ ابْنَتُهُ أَسْمَاءُ (١).

فَقَالَ لَهَا أَبُو جَهْلٍ: أَيْنَ أَبُوكِ يَا بِنْتُ؟.

فَقَالَتْ: لَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ الْآنَ.

فَرَفَعَ يَدَهُ وَلَطَمَ خَدَّهَا لَطْمَةً أَهْوَتْ بِقِرْطِهَا (٢) عَلَى الْأَرْضِ.

* * *

جُنَّ جُنُونُ زُعَمَاءِ قُرَيْشٍ حِينَ أَيْقَنُوا أَنَّ مُحَمَّدًا غَادَرَ مَكَّةَ، وَجَنَّدُوا كُلَّ مَنْ لَدَيْهِمْ مِنْ قُفَاةِ الْأَثَرِ (٣) لِتَحْدِيدِ الطَّرِيقِ الَّذِي سَلَكَهُ، وَمَضَوْا مَعَهُمْ يَبْحَثُونَ عَنْهُ … فَلَمَّا بَلَغُوا غَارَ "ثَوْرِ" قَالَ لَهُمْ قُفَاةُ الْأَثَرِ:

وَاللَّهِ مَا جَاوَزَ صَاحِبُكُمْ هَذَا الْغَارَ.

وَلَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ مُخْطِئِينَ فِيمَا قَالُوهُ لِقُرَيْشٍ، فَقَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ وَصَاحِبُهُ فِي دَاخِلِ الْغَارِ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَقِفُ فَوْقَ رَأْسَيْهِمَا، حَتَّى أَنَّ الصِّدِّيقَ رَأَى أَقْدَامَ


(١) أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر: انظرها في كتاب "صور من حياة الصَحابيات"، للمؤلف.
(٢) أهوت بقرطها: أسقطت حلقَتها، وجعلتها تهوي هويًا.
(٣) قفاة الأثر: متَتَبِّعو الأثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>