للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ

"اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ حَرَمْتَنِي مِنْ هَذَا الْخَيْرِ فَلَا تَحْرِمْ مِنْهُ ابْنِي سَعِيدًا"

[زَيْدُ وَالِدُ سَعِيدٍ]

وَقَفَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بَعِيدًا عَنْ زَحْمَةِ النَّاسِ يَشْهَدُ قُرَيْشًا وَهِيَ تَحْتَفِلُ بِعِيدٍ مِنْ أَعْيَادِهَا، فَرَأَى الرِّجَالَ يَعْتَجِرُونَ (١) الْعَمَائِمَ السُّنْدُسِيَّةَ الْغَالِيَةَ، وَيَخْتَالُونَ بِالْبُرُودِ الْيَمَانِيَّةِ الثَّمِينَةِ، وَأَبْصَرَ النِّسَاءَ وَالْوِلْدَانَ وَقَدْ لَبِسُوا زَاهِيَ الثِّيَابِ وَبَدِيعَ الْحُلَلِ، وَنَظَرَ إِلَى الأَنْعَامِ يَقُودُهَا الْمُوسِرُونَ، بَعْدَ أَنْ حَلَّوْهَا بِأَنْوَاعِ الزِّينَةِ، لِيَذْبَحُوهَا بَيْنَ أَيْدِي الْأَوْثَانِ.

فَوَقَفَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ:

يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ … الشَّاةُ خَلَقَهَا اللهُ، وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ لَهَا الْمَطَرَ مِنَ السَّمَاءِ فَرَوِيَتْ، وَأَنْبَتَ لَهَا الْعُشْبَ مِنَ الْأَرْضِ فَشَبِعَتْ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِهِ، إِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ!!.

فَقَامَ إِلَيْهِ عَمُهُ الْخَطَّابُ وَالِدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَلَطَمَهُ، وَقَالَ:

تَبًّا لَكَ (٢)، مَا زِلْنَا نَسْمَعُ مِنْكَ هَذَا الْبَذَاءَ (٣) وَنَحْتَمِلُهُ، حَتَّى نَفِدَ صَبْرُنَا، ثُمَّ أَغْرَى بِهِ سُفَهَاءَ قَوْمِهِ فَآذَوْهُ، وَلَجُّوا فِي إِيذَائِهِ، حَتَّى نَزَحَ عَنْ مَكَّةَ وَالْتَجَأَ إِلَى جَبَلِ "حِرَاءَ"، فَوَكَلَ بِهِ الْخَطَّابُ طَائِفَةً مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ، لِيَحُولُوا دُونَهُ وَدُونَ دُخُولِ مَكَّةَ، فَكَانَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا سِرًّا.

* * *


(١) يعتجرون الْعَمَائِمَ: يلفون الْعَمَائِمَ.
(٢) تبًّا لك: خسرانًا لك.
(٣) الْبَذَاءَ: الكلام السَّفِيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>