للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أُسَيْدُ بْنُ الخُضَيْرِ

"تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ إِلَيْكَ يَا أُسَيْدُ … "

[مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ]

قَدِمَ الْفَتَى الْمَكِّيُّ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرِ إِلَى "يَثْرِبَ" (١)، فِي أَوَّلِ بَعْثَةٍ تَبْشِيرِيَّةٍ عَرَفَهَا تَارِيخُ الْإِسْلَامِ.

فَنَزَلَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ (٢) أَحَدِ أَشْرَافِ الْخَزْرَجِ، وَاتَّخَذَ مِنْ دَارِهِ مَقَامًا لِنَفْسِهِ، وَمُنْطَلَقًا لِبَثِّ دَعْوَتِهِ إِلَى اللَّهِ، وَالتَّبْشِيرِ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ . وَأَخَذَ أَبْنَاءُ "يَثْرِبَ" يُقْبِلُونَ عَلَى مَجَالِسِ الدَّاعِيَةِ الشَّابِّ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِقْبَالًا كَبِيرًا.

وَكَانَ يُغْرِيهِمْ (٣) بِهِ عُذُوبَةُ حَدِيثِهِ، وَوُضُوحُ حُجَّتِهِ، وَرِقَّةُ شَمَائِلِهِ (٤)، وَوَضَاءَةُ الْإِيمَانِ الَّتِي تُشْرِقُ مِنْ وَجْهِهِ الْقَسِيمِ الْوَسِيم (٥).

وَكَانَ يَجْذِبُهُمْ إِلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ فَوْقَ ذَلِكَ كُلِّهِ، هُوَ هَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي كَانَ يَتْلُو عَلَيْهِمْ بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَالْفَيْنَةِ (٦) بَعْضًا مِنْ آيَاتِهِ الْبَيِّنَاتِ؛ بِصَوْتِهِ الشَّجِيِّ الرَّحِيمِ، وَنَبَرَاتِهِ الْحُلْوَةِ الْآسِرَةِ، فَيَسْتَلِينُ بِهِ الْقُلُوبَ الْقَاسِيَةَ، وَيَسْتَدِرُّ الدُّمُوعَ الْعَاصِيَةَ، فَلَا يَنْفَضُّ (٧) الْمَجْلِسُ مِنْ مَجَالِسِهِ إِلَّا عَنْ أُنَاسٍ أَسْلَمُوا وَانْضَمُّوا إِلَى كَتَائِبِ الْإِيمَانِ.

* * *


(١) يثرب: المدينة المنورة.
(٢) أَسْعَدُ بْن زُرَارَةَ النَّجَّارِي الْأَنْصَارِي: أحد الشّجعان الْأشراف في الجاهلية والْإسلام، قدم عَلَى الرَّسُول في مَكَّة فأسلم هو وذكوان بْن عَبْد قَيْس وعادا إِلَى المدينة، فكانا أوَّل من قدمها بالْإسلام؛ مات قبل وقعة بَدْر ودفن في البْقيع.
(٣) يغريهم به: يولعهم به.
(٤) رقة شمائله: رقة طباعه.
(٥) الْقسيم الْوسيم: الجميل الحسن.
(٦) بين الْفينة والْفينة: بين الحين والحين.
(٧) ينفض المجلس: يتفرق المجلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>