للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قَفَل (١) الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيُّ رَاجِعًا إِلَى دِيَارِ قَوْمِهِ، وَصُورَةُ النَّبِيِّ لَا تُفَارِقُ مُخَيِّلَتَهُ، وَرَنِينُ كَلِمَاتِهِ لَا يُبَارِحُ (٢) أُذُنَيْهِ …

وَظَلَّ يَتَتَبَّعُ أَخْبَارَهُ، وَيَتَذَكَّرُ قَوْلَتَهُ: (أَرَأَيْتُمْ إِنْ لَمْ تَلْبَثُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى يَمْنَحَكُمُ اللهُ بِلَادَ فَارِسَ وَأَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ). ثُمَّ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ:

مَا الَّذِي جَعَلَنِي أَقْبِضُ يَدِي عَنْ يَبْعَةِ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ أَيَقَنْتُ بِصِدْقِهِ وَصِحَّةِ دَعْوَتِهِ؟!

* * *

وفي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِلْهِجْرَةِ؛ أَذِنَ اللهُ لِلْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيِّ بِأَنْ يَتَشَرَّفَ بِالِانْضِمَامِ إِلَى كَتَائِبِ الْإِيمَانِ …

فَوَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فِي جُمُوعِ غَفِيرَةٍ (٣) مِنْ بَنِي شَيْبَانَ، وَأَعْلَنَ إِسْلَامَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَبَايَعَهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ.

* * *

لَكِنَّ النَّبِيَّ لَمْ يَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا، حَتَّى لَحِقَ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى، وَطَفِقَ الْعَرَبُ يَخْرُجُونَ مِنْ دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا كَمَا دَخَلُوا فِيهِ أَفْوَاجًا؛ فَتَصَدَّى لَهُمُ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ …

وَرَمَاهُمْ بِمَنْ بَقِيَ مَعَهُ مُسْتَمْسِكًا بدِينِهِ.

وَكَانَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيُّ وَقَوْمُهُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَأْسًا عَلَى الْمُرْتَدِّينَ، وَأَعْظَمِهِمْ أَثَرًا فِي الْقَضَاءِ عَلَى تِلْكَ الْفِتْنَةِ الْمُدَمِّرَةِ الْعَمْيَاءِ.


(١) قفل: رجع من السفر.
(٢) لا يبارح: لا يغادر.
(٣) غفيرة: كثيرة وفيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>