للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[الكتاب الحادي عشر]

أَبُو عُبَيْدٍ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ

"قَائِدُ وَقْعَةِ الْجِسْرِ"

هَا هُوَ ذَا خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ أَبُو بَكْرِ الصِّدِّيقُ مُوَسَّدًا (١) عَلَى فِرَاشِهِ؛ مُتَرَقِّبًا قَضَاءَ اللهِ فِيهِ؛ بَعْدَ أَنْ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ وَطْأَةُ الْمَرَضِ.

وَهَا هُمْ أُولَاءِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَتَرَدَّدُونَ عَلَى بَيْتِ خَلِيفَةِ الْمُسْلِمِينَ وَجِلِينَ مُشْفِقِينَ (٢).

وَفِيمَا كَانَ الصِّدِّيقُ عَلَى حَالَتِهِ هَذِهِ؛ دَعَا خَلِيفَتَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَقَالَ:

يَا عُمَرُ؛ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَمُوتَ فِي يَوْمِي هَذَا … فَإِذَا أَنَا مِتُّ؛ فَلَا تُصْبِحَنَّ حَتَّى تَنْدُبَ النَّاسَ إِلَى قِتَالِ الْفُرْسِ.

ثُمَّ ابْعَثْ مَنْ يَسْتَجِيبُ لَكَ مِنْهُمْ مَدَدًا (٣) لِجَيْشِ الْمُسْلِمِينَ الْمُقَاتِلِ هُنَاكَ … وَلَا تَشْغَلَتْكُمْ عَنْ أَمْرِ دِينِكُمْ مُصِيبَةٌ مَهمَا جَلَّتْ (٤).

ثُمَّ مَا لَبِثَ أَنْ أَسْلَمَ الرُّوحَ قَبْلَ مَغِيبِ شَمْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

* * *

وَارَى الْفَارُوقُ صَاحِبَهُ التُّرَابَ لَيْلًا … وَمَا إِنْ طَلَعَ الصَّبَاحُ حَتَّى كَانَ أَوَّلَ عَمَلٍ قَامَ بِهِ أَنَّهُ نَدَبَ (٥) النَّاسَ لِقِتَالِ الْفُرْسِ، وَرَغَّبَهُمْ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ التَّرْغِيبِ.

لكِنَّهُ فُوجئَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَذَلِكَ لِشِدَّةٍ خَشْيَتِهِمْ مِنَ


(١) موسدًا على فراشه: موضوعًا على فراشه.
(٢) مشفقين: حريصين على خيره خائفين حنانا وعطفًا.
(٣) الْمَدَدُ: العساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل الله.
(٤) مهما جَلَّت: مهما عمَّت وعَظُمَتْ.
(٥) نَدَب الناس: دعاهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>