للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَهَذَا زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخُو عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُنَادِي فِي الْمُسْلِمِينَ: أَيُّهَا النَّاسُ عَضُّوا عَلَى أَضْرَاسِكُمْ، وَاضْرِبُوا فِي عَدُوِّكُمْ وَامْضُوا قُدُمًا … أَيُّهَا النَّاسُ، وَاللَّهِ لَا أَتَكَلَّمُ بَعْدَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ أَبَدًا حَتَّى يُهْزَمَ مُسَيْلِمَةُ أَوْ أَلْقَى اللَّهَ، فَأُدْلِيَ إِلَيْهِ بِحُجَّتِي …

ثُمَّ كَرَّ عَلَى الْقَوْم فَمَا زَالَ يُقَاتِلُ حَتَّى قُتِلَ.

وَهَذَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ (١) يَحْمِلُ رَايَةَ الْمُهَاجِرِينَ؛ فَيَخْشَى عَلَيْهِ قَوْمُهُ أَنْ يَضْعُفَ أَوْ يَتَزَعْزَعَ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا لَنَخْشَى أَنْ نُؤْتَى مِنْ قِبَلِكَ، فَقَالَ:

إِنْ أُتِيتُمْ مِنْ قِبَلِي فَبِئْسَ حَامِلُ الْقُرْآنِ أَكُونُ …

ثُمَّ كَرَّ عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ كَرَّةً بَاسِلَةً، حَتَّى أُصِيبَ.

وَلَكِنَّ بُطُولَاتِ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا تَتَضَاءَلُ أَمَامَ بُطُولَةِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَعَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

ذَلِكَ أَنَّ خَالِدًا حِينَ رَأَى وَطِيسَ (٢) الْمَعْرَكَةِ يَحْمَى وَيَشْتَدُّ، الْتَفَتَ إِلَى الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَقَالَ: إِلَيْهِمْ يَا فَتَى الأَنْصَارِ … فَالْتَفَتَ الْبَرَاءُ إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ:

يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَا يُفَكِّرَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْمَدِينَةِ؛ فَلَا مَدِينَةَ لَكُمْ بَعْدَ الْيَوْمِ … وَإِنَّمَا هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ … ثُمَّ الْجَنَّةُ …

ثُمَّ حَمَلَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَحَمَلُوا مَعَهُ، وَانْبَرَى يَشُقُّ الصُّفُوفَ، وَيُعْمِلُ السَّيْفَ فِي رِقَابِ أَعْدَاءِ اللَّهِ حَتَّى زُلْزِلَتْ أَقْدَامُ مُسَيْلِمَةَ وَأَصْحَابِهِ، فَلَجَأُوا إِلَى الْحَدِيقَةِ الَّتِي عُرِفَتْ فِي التَّارِيخِ بَعْدَ ذَلِكَ بِاسْمِ "حَدِيقَةِ الْمَوْتِ"؛ لِكَثْرَةِ مَنْ قُتِلَ فِيهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْم.

* * *


(١) سالم مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَة: انظره ص ٥٢٧.
(٢) الوطيس: التَّنور، ويقال حمى الوطيس أي اتقدت نيران الحرب واشتدَّت.

<<  <  ج: ص:  >  >>