للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عَلَيْهِ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ، وَيَرْكُلُونَهُ بِأَقْدَامِهِمْ، وَيَقْذِفُونَهُ بِمَا يَصِلُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَطَارِقِ وَقِطَعِ الْحَدِيدِ …

حَتَّى هَوَى إِلَى الْأَرْضِ فَاقِدَ الْوَعْيِ وَالدِّمَاءُ تَنْزِفُ مِنْهُ …

* * *

سَرَى فِي مَكَّةَ خَبَرُ مَا جَرَى بَيْنَ خَبَّابِ وَسَيِّدَتِهِ سَرَيَانَ النَّارِ فِي الْهَشِيم (١)!!! ..

وَذَهِلَ النَّاسُ مِنْ جَرَاءَةِ خَبَّابٍ؛ إِذْ لَمْ يَكُونُوا قَدْ سَمِعُوا -مِنْ قَبْلُ- أَنَّ أَحَدًا اتَّبَعَ مُحَمَّدًا وَوَقَفَ بَيْنَ النَّاسِ يُعْلِنُ إِسْلَامَهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصَّرَاحَةِ وَالتَّحَدِّي.

وَاهْتَزَّ شُيُوخُ قُرَيْشٍ لِأَمْرِ خَبَّابٍ … فَمَا كَانَ يَخْطُرُ عَلَى بَالِهِمْ أَنَّ قَيْنًا كَقَيْنِ أُمِّ أَنْمَارٍ لَا عَشِيرَةَ لَهُ تَحْمِيهِ، وَلَا عَصَبِيَّةَ عِنْدَهُ تَمْنَعُهُ وَتُؤْوِيهِ، تَصِلُ بِهِ الْجُرْأَةُ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ عَلَى سُلْطَانِهَا، وَيَجْهَرَ بِسَبِّ آلِهَتِهَا، وَيُسَفِّهَ دِينَ آبَائِهَا وَأَجْدَادِهَا … وَأَيْقَنَتْ أَنَّ هَذَا يَوْمٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ …

وَلَمْ تَكُنْ قُرَيْشٌ عَلَى خَطَإٍ فِيمَا تَوَقَّعَتْهُ، فَلَقَدْ أَغْرَتْ جُرْأَةُ خَبَّابٍ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِهِ بِأَنْ يُعْلِنُوا إِسْلَامَهُمْ، فَطَفِقُوا يَصْدَعُونَ (٢) بِكَلِمَةِ الْحَقِّ وَاحِدًا بَعْدَ آخَرَ ..

* * *

اجْتَمَعَ سَادَةُ قُرَيْشٍ عَنْدَ الْكَعْبَةِ، وَعَلَى رَأْسِهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَتَذَاكَرُوا فِي شَأْنٍ مُحَمَّدٍ؛ فَرَأَوْا أَنَّ أَمْرَهُ أَخَذَ يَزْدَادُ وَيَتَفَاقَمُ (٣) يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَسَاعَةً إِثْرَ سَاعَةٍ …

فَعَزَمُوا عَلَى أَنْ يَحْسِمُوا الدَّاءَ قَبْلَ اسْتِفْحَالِهِ (٤)، وَقَرَّرُوا أَنْ تَثِبَ كُلُّ قَبِيلَةٍ


(١) الهشيم: النبات اليابِس.
(٢) يصدعون: يجهرون ويعلنون.
(٣) يتفاقم: يتعاظم ويَزداد.
(٤) يحسمون الدّاءَ قَبْلَ استفحاله: يستأصلونَه قبل اشتداده.

<<  <  ج: ص:  >  >>