للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَكَانَ يَقُولُ: لَا بُدَّ لِهَذَا اللَّيْلِ مِنْ آخِرٍ …

وَكَانَ يَتَمَنَّى أَنْ تَمْتَدَّ بِهِ الْحَيَاةُ لِيَرَى بِعَيْنَيْهِ مَصْرَعَ الظَّلَامِ وَمَوْلِدَ النُّورِ.

* * *

لَمْ يَطُلِ انْتِظَارُ خَبَّابٍ كَثِيرًا، فَقَدْ تَرَامَى (١) إِلَيْهِ أَنَّ خَيْطًا مِنْ نُورٍ قَدْ تَأَلَّقَ مِنْ فَمِ فَتًى مِنْ فِتْيَانِ بَنِي "هَاشِمِ" يُدْعَى مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ.

فَمَضَى إِلَيْهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ؛ فَبَهَرَهُ لَأُلَاؤُهُ، وَغَمَرَهُ سَنَاهُ.

فَبَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهِ، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

فَكَانَ سَادِسَ سِتَّةِ أَسْلَمُوا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ حَتَّى قِيلَ: مَضَى عَلَى خَبَّابِ وَقْتُ وَهُوَ سُدُسُ الْإِسْلَامِ …

* * *

لَمْ يَكْتُمْ خَبَّابٌ إِسْلَامَهُ عَنْ أَحَدٍ، فَمَا لَبِثَ أَنْ بَلَغَ خَبَرُهُ أُمَّ أَنْمَارٍ، فَاسْتَشَاطَتْ (٢) غَضَبًا وَتَمَيَّزَتْ غَيْظًا، وَصَحِبَتْ أَخَاهَا "سِبَاعَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى"، وَلَحِقَ بِهِمَا جَمَاعَةٌ مِنْ فِتْيَانِ "خُزَاعَة" وَمَضَوْا جَمِيعًا إِلَى خَبَّابٍ، فَوَجَدُوهُ مُنْهَمِكًا فِي عَمَلِهِ … فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ "سِبَاعٌ" وَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَنَا عَنْكَ نَبَأُ لَمْ نُصَدِّقْهُ.

فَقَالَ خَبَّابٌ: وَمَا هُوَ؟.

فَقَالَ "سِبَاعٌ": يُشَاعُ أَنَّكَ صَبَأْتَ (٣) وَتَبِعْتَ غُلَامَ بَنِي هَاشِمٍ.

فَقَالَ خَبَّابٌ -فِي هُدُوءٍ-: مَا صَبَأْتُ، وَإِنَّمَا آمَنَتُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ … وَنَبَذْتُ أَصْنَامَكُمْ (٤)، وَشَهِدْتُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ …

فَمَا إِنْ لَامَسَتْ كَلِمَاتُ حَبَّابٍ مَسَامِعَ "سِبَاعِ" وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى انْهَالُوا


(١) ترامى إليه: بلغه ووصل إليه.
(٢) استشاطت غضبًا: التَهَبَتْ غَضَبًا.
(٣) صبأتَ: كفرت وخرجت عن دينك.
(٤) نبذتُ أصنامكم: طرحتُ أصنامكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>