للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عَلَى مَنْ فِيهَا مِنْ أَتْبَاعِهِ، وَأَنْ تُنَكِّل (١) بِهِمْ حَتَّى يَرْتَدُّوا عَنْ دِينِهِمْ أَوْ يَمُوتُوا …

* * *

وَقَدْ وَقَعَ عَلَى "سِبَاعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى" وَقَوْمِهِ عِبْءُ تَعْذِيبِ خَبَّابٍ …

فَكَانُوا إِذَا اشْتَدَّتِ الْهَاجِرَةُ (٢)، وَغَدَتْ أَشِعَّةُ الشَّمْسِ تُلْهِبُ الْأَرْضَ إِلْهَابًا، أَخْرَجُوهُ إِلَى بَطْحَاءِ مَكَّةَ، وَنَزَعُوا عَنْهُ ثِيَابَهُ، وَأَلْبَسُوهُ دُرُوعَ الْحَدِيدِ، وَمَنَعُوا عَنْهُ الْمَاءَ حَتَّى? إِذَا بَلَغَ مِنْهُ الْجُهْدُ كُلَّ مَبْلَغٍ؛ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ وَقَالُوا:

مَا تَقُولُ فِي مُحَمَّدٍ؟.

فَيَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، جَاءَنَا بِدِينِ الْهُدَى وَالْحَقِّ، لِيُخْرِجَنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ …

فَيُوسِعُونَهُ ضَرْبًا وَلَكُمًا، ثُمَّ يَقُولُونَ لَهُ:

وَمَا تَقُولُ فِي اللَّاتِ وَالْعُزَّى؟!.

فَيَقُولُ: صَنَمَانِ أَصَمَّانِ أَبْكَمَانِ لَا يَضُرَّانِ وَلَا يَنْفَعَانِ …

فَيَأْتُونَ بِالْحِجَارَةِ الْمَحْمِيَّةِ، وَيُلْصِقُونَهَا بِظَهْرِهِ، وَيُبْقُونَهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَسِيلَ دُهْنُ كَتِفَيْهِ …

* * *

وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ أَنْمَارٍ أَقَلَّ قَسْوَةً عَلَى خَبَّابٍ مِنْ أَخِيهَا "سِبَاعِ" فَقَدْ رَأَتْ رَسُولَ اللهِ يَمُرُّ بِدُكَّانِهِ وَيُكَلِّمُهُ، فَجُنَّ جُنُونُهَا (٣) لِمَا رَأَتْ.

وَأَخَذَتْ تَجِيءُ إِلَى خَبَّابٍ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، فَتَأْخُذُ حَدِيدَةً مَحْمِيَّةً مِنْ كِيرِهِ (٤)، وَتَضَعُهَا عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى يُدَخِّنَ رَأْسُهُ، وَيُغْمَى عَلَيْهِ …


(١) تُنَكّل بهم: تذيقهم أَشَدَّ العذاب.
(٢) الْهاجِرَة: شِدَّة القيظ في منتصف النهار.
(٣) جُنَّ جنونُها: طار صوابُها، وثارت ثائرَتهُا.
(٤) الكير: منفاخ مَوْقِدِ الحداد، ويراد بها الموقد نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>