للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَيْحَكَ (١) يَا وَحْشِيُّ، إِنَّ مُحَمَّدًا - وَاللهِ - مَا يَقْتُلُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ إِذَا دَخَلَ فِي دِينِهِ، وَتَشَهَّدَ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ (٢).

فَمَا إِنْ سَمِعْتُ مَقَالَتَهُ حَتَّى خَرَجْتُ مُيَمِّمًا وَجْهِي شَطْرَ (٣) "يَثْرِبَ" أَبْتَغِي مُحَمَّدًا، فَلَمَّا بَلَغْتُهَا تَحَسَّسْتُ أَمْرَهُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ فِي الْمَسْجِدِ …

فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ في خِفَّةٍ وَحَذَرٍ، وَمَضَيْتُ نَحْوَهُ حَتَّى صِرْتُ وَاقِفًا فَوْقَ رَأْسِهِ وَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

فَلَمَّا سَمِعَ الشَّهَادَتَيْنِ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيَّ، فَلَمَّا عَرَفَنِي رَدَّ بَصَرَهُ عَنِّي وَقَالَ: (أوَحْشِيٌّ أَنْتَ؟!!).

قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ: (اقْعُدْ وَحَدِّثْنِي كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ) … فَقَعَدْتُ فَحَدَّثْتُهُ خَبَرَهُ.

فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ حَدِيثِي، أَشَاحَ (٤) عَنِّي بِوَجْهِهِ وَقَالَ:

(وَيْحَكَ يَا وَحْشِيُّ، غَيِّبْ وَجْهَكَ عَنِّي فَلَا أَرَيَنَّكَ بَعْدَ الْيَوْمِ)

فَكُنْتُ مُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَتَجَنَّبُ أَنْ يَقَعَ بَصَرُ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ عَلَيَّ؛ فَإِذَا جَلَسَ الصَّحَابَةُ قُبَالَتَهُ (٥) أَخَذْتُ مَكاني خَلْفَهُ.

وَبَقِيتُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ إِلَى جِوَارِ رَبِّهِ.

* * *

ثُمَّ أَرْدَفَ (٦) وَحْشِيٌّ يَقُولُ:


(١) ويحك: ويْلٌ لك، وكثيرًا ما تستَعملُ للترحم والتَّوَجُّع.
(٢) شهادة الحق: شهادة أن لا إله إِلَّا الله وأن مُحَمَّدًا رَسُولُ الله.
(٣) ميممًا وجهي شطر يَثْرب: موليًا وجْهِي ناحِيةَ الْمَدِينَةِ المنورة.
(٤) أشاحٍ عَنِّي بِوَجْهِه: أَعْرَضَ عني وأمالَ وَجْهَهُ.
(٥) قُبالته: أمامه.
(٦) ثُمَّ أَرْدف يقول: ثم تابَعَ قَوْلَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>