للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هُمَا لَكَ يَا أَبَا دَسْمَةَ … هُمَا لَكَ …

احْتَفِظُ بِهِمَا فَإِنَّهُمَا ثَمِينَانِ.

وَلَمَّا وَضَعَتْ "أُحُدٌ" أَوْزَارَهَا (١)، عُدْتُ مَعَ الْجَيْشِ إِلَى مَكَّةَ فَبَرَّ لِي "جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ" بِمَا وَعَدَنِي بِهِ وَأَعْتَقَ رَقَبَتِي، فَغَدَوْتُ حُرًا …

* * *

لَكِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ جَعَلَ يَنْمُو يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ يَزْدَادُونَ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ، فَكُنْتُ كُلَّمَا عَظُمَ أَمْرُ مُحَمَّدٍ عَظُمَ عَلَيَّ الْكَرْبُ، وَتَمَكَّنَ الْجَزَعُ وَالْخَوْفُ مِنْ نَفْسِي.

وَمَا زِلْتُ عَلَى حَالِي هَذِهِ، حَتَّى دَخَلَ مُحَمَّدٌ مَكَّةَ بِجَيْشِهِ الْجَرَّارِ فَاتِحًا.

عِنْدَ ذَلِكَ وَلَّيْتُ هَارِبًا إِلَى "الطَّائِفِ" أَلْتَمِسُ فِيهَا الْأَمْنَ.

لَكِنَّ أَهْلَ "الطَّائِفِ" مَا لَبِثُوا (٢) كَثِيرًا حَتَّى لَانُوا لِلْإِسْلَامِ، وَأَعَدُّوا وَفْدًا مِنْهُمْ لِلقَاءِ مُحَمَّدٍ وَإِعْلَانِ دُخُولِهِمْ فِي دِينِهِ (٣).

عِنْدَ ذَلِكَ سُقِطَ فِي يَدِي (٤)، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَأَعْيَتْنِي الْمَذَاهِبُ (٥)، فَقُلْتُ:

أَلْحَقُ بِالشَّامِ، أَوْ بِالْيَمَنِ، أَوْ بِبَعْضِ الْبِلَادِ الْأُخْرَى.

فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي غَمْرَةِ هَمِّي (٦) هَذِهِ؛ إِذْ رَقَّ لِي رَجُلٌ نَاصِحٌ وَقَالَ:


(١) وضعت الحَرْب أوزارها: توقَّفَتْ وهَدَأَتْ.
(٢) ما لبثوا كثيرًا: ما تأخَّروا كثيرًا.
(٣) انظر إسلام بني ثقيف في كتاب "حدث في رمضان" للمؤلف.
(٤) سُقط في يدي: اشتدَّ ندمي وزادت حيرتي.
(٥) أَعْيتُنِي الْمَذَاهِب: شدَّت في وجهي الطّرق.
(٦) غمرة همي: شِدَّة كربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>