للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَمُبَارَحَةِ (١) مَرَاتِع (٢) طُفُولَتِهِمْ وَمَعَانِي (٣) شَبَابِهِمْ دُونَ ذَنْبٍ جَنَوْهُ إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَبُّنَا اللَّهُ.

وَلَكِنَّهُ لَمْ يَمْلِكُ مِنَ الْقُوَّةِ وَالْحَوْلِ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْهُمْ أَذَى قُرَيْشٍ.

* * *

مَضَى رَكْبُ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ إِلَى أَرْضِ "الْحَبَشَةِ"، وَعَلَى رَأْسِهِمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَاسْتَقَرُّوا فِي كَنَفِ "النَّجَاشِيِّ" (٤) مَلِكِهَا الْعَادِلِ الصَّالِحِ.

فَتَذَوَّقُوا لِأَوَّلِ مَرَّةٍ - مُنْذُ أَسْلَمُوا - طَعْمَ الْأَمْنِ، وَاسْتَمْتَعُوا بِحَلَاوَةِ الْعِبَادَةِ دُونَ أَنْ يُعَكِّرَ مُتْعَةً عِبَادَتِهِمْ مُعَكِّرٌ، أَوْ يُكَدِّرَ صَفْوَ سَعَادَتِهِمْ مُكَدِّرٌ.

لَكِنَّ قُرَيْشًا مَا كَادَتْ تَعْلَمُ بِرَحِيلِ هَذَا النَّفَرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى أَرْضِ "الْحَبَشَةِ"، وَتَقِفُ عَلَى مَا نَالُوهُ فِي حِمَى مَلِيكِهَا مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ عَلَى دِينِهِمْ، وَالْأَمْنِ عَلَى عَقِيدَتِهِمْ، حَتَّى هَبَّتْ تَأْتَمِرُ (٥) بِهِمْ لِتَقْتُلَهُمْ أَوْ تَسْتَرْجِعَهُمْ إِلَى السِّجْنِ الْكَبِيرِ.

فَلْنَتْرُكِ الْحَدِيثَ لِأُمِّ سَلَمَةَ (٦) لِتَرْوِيَ لَنَا الْخَبَرَ كَمَا رَأَتْهُ عَيْنَاهَا وَسَمِعَتْهُ أُذُنَاهَا.

* * *

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ:

لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ "الْحَبَشَةِ" لَقِينَا فِيهَا خَيْرَ جِوَارٍ، فَأَمِنَّا عَلَى دِينِنَا، وَعَبَدْنَا


(١) مبارَحَة: ترك.
(٢) مراتع طفولتهم: ديارهم التي رتعوا فيها ولعبوا وهم صغار.
(٣) مغاني شبابهم: ديارهم التي قضوا فيها عهد الشّباب.
(٤) كنف النَّجاشي: حِماه ورعايته انظره في كتاب "صور من حياة التَّابعين" للمؤلف، الناشر دار الأدب الإسلامي.
(٥) تأتمر بهم: يأمُرُ بعضها بعضًا بقتلهم.
(٦) أمُّ سَلَمَة: انظرها في كتاب "صور من حياة الصحابيات" للمؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>