للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَلَمْ يَزَلْ عَلِيٌّ مَعَ مُحَمَّدٍ حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ بِدِينِ الْهُدَى وَالْحَقِّ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ مِنَ الْفِتْيَانِ.

وَظَلَّ جَعْفَرٌ مَعَ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ حَتَّى شَبَّ وَأَسْلَمَ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ.

* * *

انْضَمَّ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَكْبِ النُّورِ هُوَ وَزَوْجُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسِ عند أَوَّلِ الطَّريق.

فَقَدْ أَسْلَمَا عَلَى يَدَيِ الصِّدِّيقِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الرَّسُولُ دَارَ الْأَرْقَمِ (١).

وَلَقِيَ الْفَتَى "الْهَاشِمِيُّ" وَزَوْجُهُ الشَّابَّةُ مِنْ أَذَى قُرَيْشٍ وَنَكَالِهَا مَا لَقِيَهُ الْمُسْلِمُونَ الْأَوَّلُونَ، فَصَبَرًا عَلَى الْأَذَى لِأَنَّهُمَا كَانَا يَعْلَمَانِ أَنَّ طَرِيقَ الْجَنَّةِ مَفْرُوشٌ بِالْأَشْوَاكِ مَحْفُوفٌ بِالْمَكَارِهِ (٢) وَلَكِنَّ الَّذِي كَانَ يُنَغِّصُهُمَا (٣) وَيُنَغِّصُ إِخْوَتَهُمَا فِي اللَّهِ أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَحُولُ دُونَهُمْ وُدُونَ أَدَاءِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَتَحْرِمُهُمْ مِنْ أَنْ يَتَذَوَّقُوا لَذَّةَ الْعِبَادَةِ؛ فَقَدْ كَانَتْ تَقِفُ لَهُمْ فِي كُلِّ مَرْصَدٍ (٤)، وَتُحْصِي عَلَيْهِمُ الْأَنْفَاسَ.

عِنْدَ ذَلِكَ اسْتَأْذَنَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُهَاجِرَ مَعَ زَوْجِهِ وَنَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ"، فَأَذِنَ لَهُمْ وَهُوَ أَسْوَانُ (٥) حَزِينٌ.

فَقَدْ كَانَ يَعِزُّ عَلَيْهِ أَنْ يُرْغَمَ هَؤُلَاءِ الْأَطْهَارُ الْأَبْرَارُ عَلَى مُفَارَقَةِ دِيَارِهِمْ،


(١) دار الأرقم: دار بمكة تسمى دار الإسلام كانت للأرقم بن عبد مناف المخزومي، وفيها كان الرسول الله يَدْعو الناس إلى الإسلام، وقد مرّ ذكرها.
(٢) محفوف بالمكاره: محاط بالمصاعب والآلام.
(٣) ينغصهما: يكدرهما ويعكر صفوهما.
(٤) تقف لهم في كل مرصد: تترصَّدُهم في كل جهة.
(٥) أسوان: محزون.

<<  <  ج: ص:  >  >>