للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَلَا دِينَارًا، فَأَخَذَتِ الشُّكُوكُ تُسَاوِرُ (١) عُمَرَ إِذْ كَانَ شَدِيدَ الْخَشْيَةِ عَلَى وَلَاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْإِمَارَةِ، فَلَا مَعْصُومَ عِنْدَهُ غَيْرَ رَسُولِ اللهِ .

فَقَالَ لِكَاتِبِهِ: اكْتُبْ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ وَقُلْ لَهُ: إِذَا جَاءَكَ كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَدَعْ "حِمْصَ" وَأَقْبِلْ عَلَيْهِ، وَاحْمِلْ مَعَكَ مَا جَبَيْتَ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ.

* * *

تَلَقَّى عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ كِتَابَ عُمَرَ وَعَنْ عُمَيْرٍ؛ فَأَخَذَ جِرَابَ زَادِهِ (٢) وَحَمَلَ عَلَى عَاتِقِهِ (٣) قَصْعَتَهُ (٤) وَوِعَاءَ وَضُوئِهِ، وَأَمْسَكَ بِيَدِهِ حَرْبَتَهُ، وَخَلَّفَ "حِمْصَ" وَإِمَارَتَهَا وَرَاءَهُ، وَانْطَلَقَ يَحُثُّ الْخُطَا - مَشْيًا عَلَى قَدَمَيْهِ - إِلَى الْمَدِينَةِ.

فَمَا كَادَ يَبْلُغُ عُمَيْرٌ الْمَدِينَةَ حَتَّى كَانَ قَدْ شَحَبَ لَوْنُهُ، وَهَزُلَ جِسْمُهُ وَطَالَ شَعْرُهُ، وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ وَعْثَاءُ (٥) السَّفَرِ.

* * *

دَخَلَ عُمَيْرٌ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَدُهِشَ الْفَارُوقُ مِنْ حَالَتِهِ وَقَالَ: مَا بِكَ يَا عُمَيْرُ؟!.

فَقَالَ: مَا بِي مِنْ شَيْءٍ - يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - فَأَنَا صَحِيحٌ مُعَافًى - بِحَمْدِ اللهِ - أَحْمِلُ مَعِي الدُّنْيَا كُلَّهَا وَأَجُرُّهَا مِنْ قَرْنَيْهَا.

فَقَالَ: وَمَا مَعَكَ مِنَ الدُّنْيَا؟ [وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَحْمِلُ مَالًا لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ].

فَقَالَ: مَعِي جِرَابِي وَقَدْ وَضَعْتُ فِيهِ زَادِي …


(١) تُساوِرُ عمر: تدور في نفس عمر.
(٢) جراب زاده كيس طعامه.
(٣) العاتق: الكتف.
(٤) القصعة: وعاءٌ يؤكل فيه.
(٥) وغثاء السَّفر: آثار مشقَّة السَّفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>