للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بِلَادِ الشَّامِ عَلَى رَأْسِ جَيْشِهِ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ، فَيُحَرِّرُ الْمُدُنَ وَيَدُلُّ الْمَعَاقِلَ (١)، وَيُخْضِعُ الْقَبَائِلَ، وَيُقِيمُ الْمَسَاجِدَ فِي كُلِّ أَرْضٍ وَطِئَتْهَا قَدَمَاهُ …

عَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ دَعَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَهِدَ إِلَيْهِ بِوِلَايَةِ "حِمْصَ" وَأَمَرَهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا، فَأَذْعَنَ لِلْأَمْرِ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُؤْثِرُ (٢) شَيْئًا عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ.

* * *

بَلَغَ عُمَيْرٌ "حِمْصَ" فَدَعَا النَّاسَ إِلَى صَلَاةٍ جَامِعَةٍ.

وَلَمَّا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ خَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ قَالَ:

"أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الْإِسْلَامَ حِصْنٌ مَنِيعٌ، وَبَابٌ وَثِيقٌ (٣)، وَحِصْنُ الْإِسْلَامِ الْعَدْلُ وَبَابُهُ الْحَقُّ …

فَإِذَا دُكَّ الْحِصْنُ وَحُطِّمَ الْبَابُ اسْتُبِيحَ حِمَى هَذَا الدِّينِ …

وَإِنَّ الْإِسْلَامَ مَا يَزَالُ مَنِيعًا مَا اشْتَدَّ السُّلْطَانُ …

وَلَيْسَتْ شِدَّةُ السُّلْطَانِ ضَرْبًا بِالسَّوْطِ (٤) وَلَا قَتْلًا بِالسَّيْفِ، وَلَكِنْ قَضَاءً بِالْعَدْلِ وَأَخَذًا بِالْحَقِّ".

ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى عَمَلِهِ لِيُنَفِّذَ مَا اخْتَطَّهُ لَهُمْ مِنْ دُسْتُورٍ فِي خُطْبَتِهِ الْقَصِيرَةِ.

* * *

قَضَى عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ حَوْلًا (٥) كَامِلًا فِي "حِمْصَ" لَمْ يَكْتُبْ خِلَالَهُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا، وَلَمْ يَبْعَثْ إِلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفَيْءِ (٦) دِرْهَمًا


(١) المعاقل: الحصون.
(٢) لَا يُؤْثِر: لَا يُفضِّلُ.
(٣) وثيق: متين.
(٤) السَّوْط: جلد مضفورٌ يُضرب به.
(٥) حولًا: عامًا.
(٦) الفيء: الخراج.

<<  <  ج: ص:  >  >>