للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَقَفَلَ (١) زَيْدٌ رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ يَحُثُّ الْخُطَى الْتِمَاسًا لِلنَّبِيِّ الْمَوْعُودِ.

وَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ طَرِيقِهِ بَعَثَ اللهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا بِدِينِ الْهُدَى وَالْحَقِّ؛ لَكِنَّ زَيْدًا لَمْ يُدْرِكْهُ إِذْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَقَتَلَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَكَّةَ، وَتَكْتَحِلَ عَيْنَاهُ بِرُؤْيَةِ رَسُولِ اللهِ . وَفِيمَا كَانَ زَيْدٌ يَلْفِظُ أَنْفَاسَهُ الْأَخِيرَةَ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ:

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ حَرَمْتَنِي مِنْ هَذَا الْخَيْرِ فَلَا تَحْرِمْ مِنْهُ ابْنِي "سَعِيدًا".

* * *

وَشَاءَ اللهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ دَعْوَةَ زَيْدٍ، فَمَا إِنْ قَامَ الرَّسُولُ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى كَانَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فِي طَلِيعَةٍ مَنْ آمَنُوا بِاللهِ، وَصَدَّقُوا رِسَالَةَ نَبِيِّهِ.

وَلَا غَرْوَ (٢)، فَقَدْ نَشَأَ سَعِيدٌ فِي بَيْتٍ يَسْتَنْكِرُ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنَ الضَّلَالِ، وَرُبِّيَ فِي حِجْرِ أَبٍ عَاشَ حَيَاتَهُ وَهُوَ يَبْحَثُ عَنِ الْحَقِّ …

وَمَاتَ وَهُوَ يَرْكُضُ لَاهِثًا وَرَاءَ الْحَقِّ …

وَلَمْ يُسْلِمُ سَعِيدٌ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَتْ مَعَهُ زَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْخَطَّابِ أُخْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

وَقَدْ لَقِيَ الْفَتَى الْقُرَشِيُّ مِنْ أَذَى قَوْمِهِ مَا كَانَ خَلِيقًا (٣) أَنْ يَفْتِنَهُ عَنْ دِينِهِ؛ وَلَكِنَّ قُرَيْشًا بَدَلًا مِنْ أَنْ تَصْرِفَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ اسْتَطَاعَ هُوَ وَزَوْجُهُ أَنْ يَنْتَزِعَا مِنْهَا رَجُلًا مِنْ أَثْقَل رِجَالِهَا وَزْنًا، وَأَجَلِّهِمْ خَطَرًا …

حَيْثُ كَانَا سَبَبًا فِي إِسْلَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

* * *

وَضَعَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ طَافَاتِهِ الْفَتِيَّةَ الشَّابَّةَ كُلَّهَا فِي خِدْمَةِ الْإِسْلَامِ، إِذْ إِنَّهُ


(١) قفل: رجع من السفر.
(٢) وَلَا غَرْوَ: وَلَا عَجَبَ.
(٣) خليقًا: جديرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>