للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثُمَّ إِنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ اجْتَمَعَ - فِي غَفْلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ - إِلَى كُلِّ مِنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ (١)، وَعَبْدِ اللهِ بْن جَحْشٍ (٢)، وَعُثْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ، وَأُمَيْمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَجَعَلُوا يَتَذَاكَرُونَ مَا غَرِقَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الضَّلَالِ؛ فَقَالَ زَيْدٌ لِأَصْحَابِهِ:

إِنَّكُمْ - وَاللهِ - لَتَعْلَمُونَ أَنَّ قَوْمَكُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، وَأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا دِينَ إِبْرَاهِيمَ وَخَالَفُوهُ، فَابْتَغُوا لِأَنْفُسِكُمْ دِينًا تَدِينُونَ بِهِ، إِنْ كُنْتُمْ تَرُومُونَ النَّجَاةَ.

فَهَبَّ الرِّجَالُ الْأَرْبَعَةُ إِلَى الْأَحْبَارِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ الْمِلَلِ، يَلْتَمِسُونَ عِنْدَهُمُ الْحَنِيفِيَّةَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ.

أَمَّا وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ فَتَنَصَّرَ.

وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ فَلَمْ يَصِلَا إِلَى شَيْءٍ.

وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ نُفَيْلٍ فَكَانَتْ لَهُ قِصَّةٌ، فَلْنَدَعْ لَهُ الْكَلَامَ لِيَرْوِيَهَا لَنَا …

* * *

قَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو: وَقَفْتُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، فَأَعْرَضْتُ عَنْهُمَا إِذْ لَمْ أَجِدْ فِيهِمَا مَا أَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ، وَجَعَلْتُ أَضْرِبُ فِي الْآفَاقِ بَحْثًا عن مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَتَّى صِرْتُ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ، فَذُكِرَ لِي رَاهِبٌ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ، فَأَتَيْتُهُ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ أَمْرِي، فَقَالَ: أَرَاكَ تُرِيدُ دِينَ إِبْرَاهِيمَ يَا أَخَا مَكَّةَ.

قُلْتُ: نَعَمْ، ذَلِكَ مَا أَبْغِي، فَقَالَ:

إِنَّكَ تَطْلُبُ دِينًا لَا يُوجَدُ الْيَوْمَ، وَلَكِنِ الْحَقِّ بِبَلَدِكَ فَإِنَّ الله يَبْعَثُ مِنْ قَوْمِكَ مَنْ يُجَدِّدُ دِينَ إِبْرَاهِيمَ، فَإِذَا أَدْرَكْتَهُ فَالْتَزِمْهُ.


(١) ورقة بن نوفل بن أسد: ابن عم أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد ، أُولى أزواج الرسول ، أخبره الرسول بما جرى له مع جبريل وما أوحي إليه فصدقه ووعد بمساعدته إن أدركه وكان معتنقًا النَّصْرَانِية.
(٢) عبد الله بن جحش: انظره ص ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>