للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حَيَاتِي، أَوْ تَأْتِي عَلَيَّ مَنِيَّتِي … فَكُلُّ امْرِيءٍ فَانٍ وَإِنْ غَرَّهُ الْأَمَلْ

* * *

وَفِي مَوْسِمٍ مِنْ مَوَاسِمِ الْحَجِّ (١) قَصَدَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِ زَيْدٍ، وَفِيمَا كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ، إِذَا هُمْ بِزَيْدٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ، فَعَرَفُوهُ وَعَرَفَهُمْ وَسَأَلُوهُ وَسَأَلَهُمْ، وَلَمَّا قَضَوْا مَنَاسِكَهُمْ وَعَادُوا إِلَى دِيَارِهِمْ أَخْبَرُوا حَارِثَةَ بِمَا رَأَوْا وَحَدَّثُوهُ بِمَا سَمِعُوا.

* * *

فَمَا أَسْرَعَ أَنْ أَعَدَّ حَارِثَةُ رَاحِلَتَهُ، وَحَمَلَ مِنَ الْمَالِ مَا يَفْدِي بِهِ فَلِذَةَ الكَبِدِ، وَقُرَّةَ الْعَيْنِ، وَصَحِبَ مَعَهُ أَخَاهُ كَعْبًا، وَانْطَلَقَا مَعًا يُغِذَّانِ (٢) السَّيْرَ نَحْوَ مَكَّةَ … فَلَمَّا بَلَغَاهَا دَخَلَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَقَالَا لَهُ:

يَا بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنْتُمْ جِيرَانُ اللهِ، تَفُكُّونَ الْعَانِيَ (٣)، وَتُطْعِمُونَ الْجَائِعَ، وَتُغِيثُونَ الْمَلْهُوفَ …

وَقَدْ جِئْنَاكَ فِي ابْنِنَا الَّذِي عِنْدَكَ، وَحَمَلْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْمَالِ مَا يَفِي بِهِ …

فَامْنُنْ عَلَيْنَا، وَفَادِهِ لَنَا بِمَا تَشَاءُ.

فَقَالَ مُحَمَّدٌ: (وَمَنِ ابْنُكُمَا الَّذِي تَعْنِيَانِ؟).

فَقَالا: غُلَامُكَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ.

فَقَالَ: (وَهَلْ لَكُمَا فِيمَا هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْفِدَاءِ؟).

فَقَالَا: وَمَا هُوَ؟!

فَقَالَ: (أَدْعُوهُ لَكُمْ، فَخَيِّرُوهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ؛ فَإِنِ اخْتَارَكُمْ فَهُوَ لَكُمْ بِغَيْرِ مَالٍ، وَإِنِ اخْتَارَنِي فَمَا أَنَا - وَاللهِ - بِالَّذِي يَرْغَبُ عَمَّنْ يَخْتَارُهُ).


(١) كان ذلك في الجاهلية.
(٢) يغذان السير: يسرعان في السير.
(٣) العاني: السائل والمستجير.

<<  <  ج: ص:  >  >>