للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَقَالَا: لَقَدْ أَنْصَفْتَ وَبَالَغْتَ فِي الْإِنْصَافِ.

فَدَعَا مُحَمَّدٌ زَيْدًا وَقَالَ: (مَنْ هَذَانِ؟).

قَالَ: هَذَا أَبِي حَارِثَةُ بْنُ شُرَاحِيلَ، وَهَذَا عَمِّي كَعْبٌ.

فَقَالَ: (قَدْ خَيَّرْتُكَ: إِنْ شِئْتَ مَضَيْتَ مَعَهُمَا، وَإِنْ شِئْتَ أَقَمْتَ مَعِي).

فَقَالَ - فِي غَيْرِ إِبْطَاءٍ وَلَا تَرَدُّدٍ -:

بَلْ أُقِيمُ مَعَكَ.

فَقَالَ أَبُوهُ: وَيْحَكَ يَا زَيْدُ، أَتَخْتَارُ الْعُبُودِيَّةَ عَلَى أَبِيكَ وَأُمِّكَ؟!.

فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ شَيْئًا، وَمَا أَنَا بِالَّذِي يُفَارِقُهُ أَبَدًا.

* * *

فَلَمَّا رَأَى مُحَمَّدٌ مِنْ زَيْدٍ مَا رَأَى، أَخَذَ بِيَدِهِ وَأَخْرَجَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَوَقَفَ بِهِ بِالْحِجْرِ عَلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَقَالَ:

(يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْهَدُوا أَنَّ هَذَا ابْنِي يَرِثُنِي وَأَرِثُهُ) ....

فَطَابَتْ نَفْسُ أَبِيهِ وَعَمِّهِ، وَخَلَّفَاهُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَادَا إِلَى قَوْمِهِمَا مُطْمَئِنَّي النَّفْسِ مُوْتَاحَيِ الْبَالِ.

وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْم أَصْبَحَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يُدْعَى بِزَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَظَلَّ يُدْعَى كَذَلِكَ حَتَّى بُعِثَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَأَبْطَلَ الْإِسْلَامُ التَّبَنِّي حَيْثُ نَزَلَ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ:

﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ (١) فَأَصْبَحَ يُدْعَى: زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ.

* * *


(١) سورة الأحزاب: آية ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>