للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أَلَا كُلُّ مَا يُدْعَى مَعَ اللَّهِ بَاطِلٌ … أَلَا كُلُّ مَا يُدْعَى مَعَ اللَّهِ بَاطِلٌ …

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ تَقْطِيعِهِ غَادَرَ الْبَيْتَ.

* * *

دَخَلَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ إِلَى الْحُجْرَةِ الَّتِي فِيهَا الصَّنَمُ، فَصُعِقَتْ حِينَ رَأَتُهُ قَدْ غَدَا أَجْذَاذًا (١) … وَوَجَدَتْ أَشْلَاءَهُ (٢) مُبَعْثَرَةً عَلَى الأَرْضِ … وَجَعَلَتْ تَلْطِمُ خَدَّيْهَا وَهِيَ تَقُولُ: أَهْلَكْتَنِي يَا ابْنَ رَوَاحَةَ … أَهْلَكْتَنِي يَا ابْنَ رَوَاحَةَ …

* * *

لَمْ يَمْضِ غَيْرُ قَلِيلٍ حَتَّى عَادَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى مَنْزِلِهِ؛ فَرَأَى امْرَأَتَهُ جَالِسَةً عِنْدَ بَابِ الْحُجْرَةِ الَّتِي فِيهَا الصَّنَمُ وَهِيَ تَبْكِي وَتَنْشِجُ (٣)، وَعَلَامَاتُ الْخَوْفِ مِنْهُ بَادِيَةٌ عَلَى وَجْهِهَا، فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ (٤)؟ … قَالَتْ:

أَخُوكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةً جَاءَنَا فِي غَيْبَتِكَ، وَصَنَعَ بِصَنَمِكَ مَا تَرَى.

فَنَظَرَ إِلَى الصَّنَم فَوَجَدَهُ حُطَامًا، فَاسْتَشَاطَ (٥) غَضَبًا، وَهَمَّ أَنْ يَثْأَرَ لَهُ، لَكِنَّهُ مَا لَبِثَ قَلِيلًا حَتَّى هَدَأَتْ ثَائِرَتُهُ، وَسَكَتَ عَنْهُ غَضَبُهُ؛ فَفَكَّرَ فِيمَا حَدَثَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ فِي هَذَا الصَّنَمِ خَيْرٌ لَدَفَعَ الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ.

ثُمَّ انْطَلَقَ مِنْ تَوِّهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، وَمَضَيَا مَعًا إِلَى رَسُولِ

اللَّهِ ، وَأَعْلَنَ دُخُولَهُ فِي دِينِ اللَّهِ، فَكَانَ آخِرَ أَهْلِ حَيِّهِ إِسْلَامًا.

* * *

آمَنَ أَبُو الدَّرْدَاءِ - مُنْذُ اللَّحْظَةِ الْأُولَى - بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ إِيمَانًا خَالَطَ كُلَّ ذَرَّةٍ فِي كِيَانِهِ.

وَنَدِمَ نَدَمًا كَبِيرًا عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ خَيْرٍ، وَأَدْرَكَ إِدْرَاكًا عَمِيقًا مَا سَبَقَهُ إِلَيْهِ


(١) أجذاذًا: قطعًا.
(٢) أَشْلاءَه: أعضاءَه وأجزاءَه.
(٣) النَّشيجُ: الْبكاء بصوت عالٍ.
(٤) ما شأنك؟: ما خبرك، ما أمرك؟.
(٥) استشاط غضبًا: اتقد غضبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>