للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أَبَا الدَّرْدَاءِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ كَانَا مُتَآخِيَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ اعْتَنَقَهُ ابْنُ رَوَاحَةَ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ.

لَكِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقْطَعْ مَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ وَثِيقِ الْأَوَاصِرِ (١)؛ إِذْ ظَلَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَتَعَهَّدُ أَبَا الدَّرْدَاءِ بِالزِّيَارَةِ، وَيَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَيُرَغِّبُهُ فِيهِ، وَيَأْسَفُ عَلَى كُلِّ يَوْمٍ يَمْضِي مِنْ عُمُرِهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ.

* * *

وَصَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى مَتْجَرِهِ، وَتَرَبَّعَ عَلَى كُرْسِيِّهِ الْعَالِي، وَجَعَلَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي، وَيَأْمُرُ غِلْمَانَهُ وَيَنْهَاهُمْ … وَهُوَ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا مِمَّا يَجْرِي فِي مَنْزِلِهِ …

ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَمْضِي إِلَى بَيْتِ صَاحِبِهِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَقَدْ عَزَمَ عَلَى أَمْرٍ … فَلَمَّا بَلَغَ الْبَيْتَ رَأَى بَابَهُ مَفْتُوحًا وَأَبْصَرَ أُمّ الدَّرْدَاءِ فِي فِنَائِهِ (٢)، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا أَمَةَ اللَّهِ.

فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَخَا أَبِي الدَّرْدَاءِ.

فَقَالَ: أَيْنَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؟.

فَقَالَتْ: ذَهَبَ إِلَى مَتْجَرِهِ، وَلَا يَلْبَثُ أَنْ يَعُودَ.

فَقَالَ: أَتَأْذَنِينَ؟.

فَقَالَتْ: عَلَى الرَّحْبِ وَالسَّعَةِ، وَأَفْسَحَتْ لَهُ الطَّرِيقَ، وَمَضَتْ إِلَى حُجْرَتِهَا، وَانْشَغَلَتْ عَنْهُ بِإِصْلَاح شَأْنِ بَيْتِهَا وَرِعَايَةِ أَطْفَالِهَا.

* * *

دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ إِلَى الْحُجْرَةِ الَّتِي وَضَعَ فِيهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ صَنَمَهُ، وَأَخْرَجَ قَدُّومًا أَحْضَرَهُ مَعَهُ، وَمَالَ عَلَى الصَّنَمِ وَجَعَلَ يُقَطِّعَهُ بِهِ وَهُوَ يَقُولُ:


(١) وثيق الأواصر: متين الصِّلات.
(٢) فِناء المنزل: باحته.

<<  <  ج: ص:  >  >>