للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإشارة بذلك إلى أَنهما لم يُكملا الرّبع بل ينقص أَيامًا، وقد أَلممتُ برثائه في الرائيّة التي رثيْتُ بها شيخَ الإسلام البلقيني، وخَصَصْتُه بمرثية قافية، وهي:

مُصَابٌ لم يُنَفَّس للخناق … أَصارَ الدَّمعَ جارًا للمآقي

فرَوْضُ العلم بعد الزَّهْو ذاوٍ … ورُوحُ الفضل قد بَلغَ التَّراقي

وبحْرُ الدّمع يَجْرِى في انْدِفاقٍ … وبدْرُ الصَبرِ يَسْرى في انْمِحَاقِ

ولِلأَحْزَانِ بالقَلْبِ اجتماعٌ … يُنَادِى الصبرَ: حيَّ على افتراقِ

وَكَانَ الصَّبُّ إِنْ يُدْفَعْ بَصَبرٍ … يهونُ عليه معْ رَجْوِى التَّلاقِي

فأَمَّا بَعْدَ يأْس مِنْ تَلَاقٍ … فَهَذَا صِبْرُه مُرُّ المَذَاق

لقد عَظُمَتْ مُصِيبَتُنَا وجَلَّتْ … بسَوْقٍ أُولى العُلومِ إلى السّياق

وأَشراطُ القِيامَةِ قدْ تَبدَّتْ … وآذَنَ بالنَّوى دَاعِي الفراقِ

وكَانَ بِمْصَر والشَّامِ البَقَايَا … وكَانُوا للفَضَائِلِ فِي اسْتِبَاقِ

فلمْ تبق المَلَاحِمُ والرِّزَايَا … بِأَرْضِ الشَّام للفُضلاء بَاقي

وطافَ - بأَرْضِ مصرٍ كلَّ عامٍ … بَكَأْسِ الحَيِّ للعُلَمَاء - سَاقِي

فأَطفأَت المَنُونُ سِراجَ عِلْمٍ … ونور نارُه لأُولى النفاق

وأَحْكَمَتِ (١) الردى في ابن الحُسَيْن الـ … إمام فأَلحقته بالمساقي

على الحَبْرِ الذي شَهدَتْ قدومٌ … له بالإنْفِرَادِ على اتِّفاقِ

على حَاوِي عُلُومِ الشَّرْع جَمعًا … بِحِفْظٍ لا يخاف من الإبَاقِ

ومن فُتِحَتْ له قِدْمًا علومٌ … غَدَوْن لغيرِهِ ذات انغِلاقِ

وجارَى في "الحديث" قديمَ عهدٍ … فأَحَرزَ دونه خيل السباق


(١) في هـ "وأخلفت الرجاء".