للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأُولى سنة خمس وعشرين وحفظ التنبيه في الفقه، واشتغل بالفقه والقراءات، ولازم المشايخ في الرواية وسَمع في غضون ذلك من عبد الرحيم بن شاهد الجيش وابن عبد الهادى وعلاء الدين التركماني، وقرأَ بنفسه على شهاب الدين بن البابا وتشاغل بالتخريج، ثم تنبّه للطلب بعد أَن فاته السماع من مثل يحيى بن المصرى آخِر من روى حديثَ السِّلفي عاليا بالإجازة ومِن الكثير من أَصحاب ابن عبد الدايم والنجيب وابن عارف، ولكنه أَدرك أَبا الفتح الميدومى فأَكثر عنه وهو من أعلى مشايخه إسنادًا، وسمع أَيضًا من ابن الملوك وابن القَطروانى (١)، ثم رحل إلى دمشق فسمع من ابن الخبّاز ومن أَبي العباس المرداوى ونحوهما، وعنى بهذا الشأْن ورحل فيه إلى دمشق وحلب والحجاز، وأَراد الدخول إلى العراق ففترت هِمّته من خوف الطريق ورحل إلى الإسكندرية، ثم عزم على التوّجه إلى تونس فلم يُقدّر له ذلك.

وصَنَّف "تخريج أحاديث الإحياء"، وأَكمل مسودته الكبرى قديما ثمّ بيّضه في نحو نصفه، ثم اختصره في مجلد واحد (٢) وبيّضه، وكتب منه النسخ الكثيرة.

وشرع في إكمال "شرح الترمذي" لابن سيّد الناس، ونظم "الألفية في علوم الحديث" لابن الصلاح وشرحها، وعمل عليها "نكتنا"، وصنف أَشياء أَخرى: كبارًا وصغارًا، وصار المنظور إليه في هذا الفنّ من زمن الشيخ جمال الدين الإسناوى وهلمّ جرًّا، ولم نَرَ في هذا الفنّ أَتْقن منه، وعليه تخرّج غالبُ أَهل عصره، ومنْ أخصّهم به صهره شيخنا نور الدين الهيثمي (٣)، وهُو (٤) الذي درّبه وعلَّمه كيفيّة


(١) هو محمد بن علي بن عبد العزيز القطرواني المتوفى سنة ٧٦٠ هـ، راجع عنه ابن حجر: الدرر الكامنة: ٤/ ٤٠٦٢.
(٢) ذكر السخاوى: الضوء اللامع ٤/ ٤٥٢ أن هذا المختصر كان هو المتداول في وقته وسماه "المغنى عن حمل الأسفار في الأسفار، في تخريج ما في الإحياء من الأخبار".
(٣) راجع ترجمته في الضوء اللامع ٥/ ٦٧٦.
(٤) أي شيخه العراق.