للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فضيّق عليه فأَظهر الجنون وتمادى به الحال إِلى أَن صار جدًا فانخبل عقله، وصار يمشى في الأَسواق وبيده هرّاوة ويقف فيذكر جهرًا، وتمادى على ذلك مدّةً بحيث كثر مَن يعتقده، واستمر على ذلك نحوًا من أَربعين سنة، وفى بعض الأَحيان يتراجع وينقطع وينسخ بالأجرة ثم يرجع لتلك الحال، وهو (١) في حال تسطير هذه الأَسطر في قيد الحياة سنة تسع وأَربعين (٢) وذكر لي أَن مولده سنة أَربع وسبعين.

٢٣ - إسماعيل بن إِبراهيم بن محمد بن على بن موسى الكناني (٣) البلبيسي ثم المصري القاضي مجد الدين، وُلد سنة ثمان أَو تسع وعشرين وسبعمائة،، وسمع من أصحاب النجيب والعزّ الحرانيّين، ولازم الزَّيْلعى فى الطلب فأَكثر من سماع الكتب والأَجزاء، وتخرّج بمَغْلَطَاى والتركماني، واشتغل بالفقه والفرائض فمهر فيها، ونظم الشعر وشارك في الأَدب، وباشر توقيع الحكم وناب في القضاء، وشجر بينه وبين شمس الدين الطرابلسي شيء فلم يَنُبْ له بل صبر حتَّى اشتغل بالقضاء ثم عزل. وله تأليف في الفرائض. سمعتُ تاج الدين بن الظريف يطريه، واختصر "الأَنساب" للرشاطي، و [تذكرة] فيها فنون كثيرة.

ولما ولى القضاءَ كان منعكفًا في جوارِ الجامع الأَزهر في رمضان فباشره فلم يُرزق فيه السعد، ثم أَشاع عنه جمال الدين العجمي أَنه يتبرّم بالسفر مع السلطان ويدّعى العجز عن الحركة، واتفق أَنه كان ثقيل البدن، فكان إذا حضر الموكبَ وأَراد القيامَ اعتمد على الأَرض وقام بمشقة، فكان السلطان يعاين منه ذلك فصدّق ما قيل عنه فعزله ولم يتم سنة، واستمر إِلى أَن مات أَن بعد ازداد ضعفه وانهزَم وساءَت حاله جدًا. مات في أَوّل (٤) ربيع الأَول، ومن شعْره:


(١) أي محب الدين محمد المتوفي سنة ٨٥٢ هـ، راجع الحاشية السابقة والضوء اللامع ٧/ ١٧٦ وانظر فيما بعد، ص ١٢٥ حاشية رقم ١.
(٢) في هامش هـ "ثم مات بعد الخمسين. تحرر سنة وفاته"، لكن راجع الحاشية أعلاه.
(٣) في ك "الكافي". لكن انظر ابن حجر: رفع الإصر، ١/ ١١٦.
(٤) الوارد في النجوم الزاهرة ٦/ ١٤٧ أنه مات في خامس جمادى الأولى، وأشار السخاوي في الضوء اللامع ٢/ ٨٩٧ إلى ماورد في المتن، واعتمد عليه في بيان ما سهى به قلم ابن حجر في معجمه من جعله وفاته عاشر جمادى الأولى.