للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم انجلت القصة آخر النهار عن هذه القضية. فكان ذلك فألا جرى على الأَلسنة بذكر تمرلنك، فإن الأَيام لم تمض إِلا قليلًا حتى طرق البلاد، فلا قوة إلَّا بالله.

* * *

وفى ثالث عشر شعبان نَزل شهاب الدين بن الحسباني لولده تاج الدين عن درس الإِقبالية (١) وعمرُه يومئذ خمس عشرة سنة، وحضر قضاة مصر والشام إِلَّا حنبلي مصر، وحفظ (٢) الخطبة جيدًا وأَدَّاها أداءً حسنًا، وشرع في تفسير سورة الكهف فأَعجبهم (٣) وأَثنوا عليه.

* * *

وفى هذه السنة أُثبت هلال شوال ليلةَ السبت بحلب اتفاق أَهل العلم بالنجوم أَنه لا يمكن رؤيته، فلما كانت ليلة الأَحد شهد اثنان برؤية هلال رمضان وهو أيضًا لا يمكن، وأَصبحوا ليلة الاثنين فلم يروا شيئًا فأَفطروا يوم الثلاثاء وهو سلخ رمضان في الحقيقة، فأَفطروا يومًا من آخر رمضان بمقتضى ذلك.

وفى شوال ضُرب صدر الدين بن الأَدمي في محاكمةٍ بينه وبين بعض الناس بسبب إِجارة لوقف الخاتونية (٤) فخرج ليحلف ثم اختلف كلامه، وفهم منه الحاجب الاختلاف فغضب منه وكلَّمه بكلام غليظ، ثم أَمر بضربه فضُرب على مقعدته بضعة عشر عصًا وكان قد سعي في كتابة السرّ، وكاد أَمره أَن يتم وجُهّزت خلعته ثم بطل ذلك، فسعى في النيابة عن القاضي الحنفي فاستنابه، فعَنْ قريبٍ وقع له ما وقع.

وفيها سعى القاضي بدر الدين بن أَبي البقاء في قضاء الشام وكتب توقيعه بذلك بشرط أَن يستقر تدريس الشافعي لولده فلم يُجَبْ إِلى ذلك، فسعى في إبطال ولايته لقضاء الشام، واستقر فيها أَخوه علاء الدين.

* * *


(١) هي من مدارس الشافعية بدمشق، وتنسب إِلى منشهَّا جمال الدولة إقبال عتيق ست الشام وخادم نور الدين بن زنكي، وقال ابن شداد عنه في ذيل الروضتين، ص ٥٩: "هو الخادم ببيت المقدس ...... وقف داريه بدمشق مدرستين إحداهما للشافعية وهى الكبرى والأخرى للحنفية وهي الصغرى ...... وكان من خدام صلاح الدين"، انظر أيضًا ابن العماد: شذرات الذهب ٥/ ٩، والنعيمي: الدارس في تاريخ المدارس ١/ ١٥٨ وما بعدها.
(٢) الضمير هنا عائد على تاج الدين بن شهاب الدين الحسباني.
(٣) في ز "وأعجبوه". وفى هـ: "فأعجلوه".
(٤) من مدارس الحنفية بدمشق، انظر النعيمي: الدارس ١/ ٥٠٢.