للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قَرر السلطان على باى بالضرب والتسعيط وعصره في رجليه إلى أَن كسرهما، وضربه على ركبه إلى أَن تفشختا، ثم ضربه بدبوس (١) كان بيده في صدره فخسفه ولم يقرّ مع ذلك على أَحد، فأَمر بإنزاله بعد المغرب إلى الاصطبل ثم أَمر رسطاى بقتله، وأَمر السلطان بنزع آلة الحرب واطمأَن، ثم شكى يلبغا الأُستادار إلى السلطان ما صنع العوام بمنزله (٢) فشاع بينهم أَن السلطان أَمره بالركوب عليهم فخافوا وأَصبحوا في رابع عشرى ذي القعدة وقد أَغلقوا الدكاكين، فبلغ السلطان فأَمر النداء لهم بالأَمان والطمأنينة فسكتوا.

فلما كان الحادى والعشرون من ذى القعدة حضر السلطان الموكب ودخل بعد الخدمة إلى الحريم، فهجم عليه بعض المماليك ودخلوا من باب السر بخيولهم وكسروه حتى وصلوا إليه فاستغاثوا، فحصلت له رجفة وشاع ذلك فى الناس، فخرج السلطان لابسًا السلاح ودخل القصر وكشف عن سبب ذلك، وأَرسل إلى قبة النصر فلم يجدوا أَحدًا فصرف الناس، وباتوا وأَكثر الناس في وجل. وجاءَت الأُمراء وغيرهم لابسين آلة الحرب، فلما كان في يوم الخميس رابع عشرى ذى القعدة أنفق على المماليك لكل واحد ستمائة، فسخطوها، فحضر إليهم بنفسه وترضاهم وبكى فأبكاهم، فرضوا وقبضوا النفقة وسكنت الفتنة؛ ويقال إن يلبغا المجنون تولى إنفاق ذلك من حاصله، وأحضر إلى السلطان بعد ذلك مائة أَلف وثمانين ألف دينار، وقال: "هذا آخر ما كان عندى"، وذكر أَن بيته لما نُهِب رمى خزندارُهُ الذهب المذكور في الخلاءِ فسلم.

* * *

وفيها رجع العسكر الشامي من سيواس وكانوا جُردوا في العام الماضي لما بلغهم أَن ابن اللنك قصد البلاد فلما تحققوا رجوعه أُمر برجوعهم.


(١) الدبوس عصا ذات رأس حديدية مدببة، انظر ٤٢٣. Dozy: op.، cit. I، p
(٢) كان منزله يقع على بركة الناصري، انظر ما سبق، ص ١٧ س ١٦.