للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره، وظهرت فضائله، ثم ولي قضاءَ العسكر بعد أَن كان ينوب عن الجمال [عبد الله] التركماني ثم عزل، ثم (١) ولي استقلالا سنة تسع وستين.

وقرأتُ بخط القاضي تقي الدين الزبيري: كان عالمًا فاضلا له وجاهة في كل دولة، وكان أَول ما قدم لازم درس القاضي زين الدين البسطامي وهو قاضي الحنفية في ذلك الوقت، ثم لازم القاضي علاءَ الدين التركماني، فأَذن له في العقود والفروض بالحانوت الذي بين القصرين مقابل المدرسة الصالحية، ثم قويت شوكته لما مات علاء الدين، وولي ولده جمال الدين فاستنابه ولم يستنب غيره واستبد بجميع الأُمور، ولما مات علاء الدين بن الأَطروش محتسب القاهرة كان بيده قضاءُ العسكر فسأَل الهنديُّ شيخو فيه فامتنع وأَعطاه إقطاعًا جيدا، فتوجه الهندي إلى صرغتمش وسأَله فيه فولاه (٢)، فشقّ ذلك على شيخو، ثم قُتل شيخو وعظمت منزلة الهندي عند صرغتمش وعند السلطان حسن: فلما أُمسك صرغتمش عمل الهرماس على الهندي، وقال للجمال التركماني: "إن السلطان رسم بعزل الهندي" فعزله، فتغير خاطره من القاضي وهجره وأقام بمنزله والناس يترددون إليه ويقرءُون عليه ويلازمون دروسه والأَخذ عنه، ثم قرّبه السلطان حسن، وصار هو وابن النقاش يلازمانه ويركبان معه في السرحات ويدخل القاهرة وهما معه، ورتّب لهما الرواتب العظيمة، فاتفق أَن الهرماس حج سنة ستين فتمكَن الهندي وابن النقاش من الطعن عليه عند السلطان، وأَطلعاه على أَحواله إلى أَن تغير عليه وامتُحن المحنة المشهورة، فتمكَن الهندي ثم خمل لما أُمْسِك السلطان مدةَ يلبغا، ثم لما ولي الأَشرف [شعبان] تقدم عند أُلجاي (٣) [اليوسفي] وغيره. وقُرر في قضاء الحنفية استقلالًا سنة تسع وستين؛ ولما مات البسطامي أُضيف إليه تدريس جامع ابن طولون، وتكلّم في أَوقاف الشافعية لما ولي أُلجاي نظر الأَوقاف، فلما حضر معه استعرض الدروس في الجامع الطولوني وبالمدرسة الأَشرفية وضَيَّق عليهم، فقام الهندي في ذلك قيامًا عظيما، وأغلظ له القول حتى قال: "إقطاعك يبلغ أَلفي أَلف درهم، وتستكثر على الفقيه المسكين هذا القدر؟ "


(١) عبارة "ثم. . . . وستين" غير واردة في ز، هـ.
(٢) يشير المنهل الصافى ٢/ ٤٦٩ أ - ب إلى أنه خلع عليه بقضاء العسكر رفيقا لقاضي العسكر الشافعي، وهو أول من ولي ذلك من السادة الحنفية.
(٣) في ز "الجاولي".