للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج فتاوى جماعة عن الشافعية بذلك، فتوقّفْتُ عن مراده لما تأملت في آخر حكم الونائي بعد اعتبار ما يجب اعتباره شرعا، فقلت: "لو جاء فقال: فسر عندي بقادح، وقد دخل في هذا الكلام كان ذلك مقبولًا منه"، فاستشاط الوكيل، وتوسلتْ موكلته إلى جمعٍ. كثير من الأكابر، فأبلغوا السلطان أن هذا الكلام تعصّب للونائي، فصرح بعزل الاثنين، فلما بلغ كاتبه ذلك أقام بمنزله لا يجتمع بأحدٍ.

فلما كان ضحى يوم الخميس حضر إليه الحمصي رسولًا من السلطان على لسان الشيخ شمس الدين الرومي أحد جلساء السلطان يأمره بالاجتماع بالسلطان، فاجتمع به فقصّ عليه القصّة مفصّلة فعذره واعتذر إليه، وقرره في الوظيفة، وكان قد صمم على عدم القبول من أوّل يوم، فاجتمع به القاضي المالكي وبلّغه عن الجماعة ما يقتضي التهديد والتخويف إذا استمرّ على الإعراض، لما يخشى منه على المال والولد والعرض، فقبل على ذلك والله المستعان.

ثم ألَحوا عليه في التّشريك بين المرأتين في النَظر، فتأمّل فوجد حكم الونائي منذ سنين، وجاز أن يصير السّفيه فيها رشيدًا، فالتمس منهم بيّنة تشهد باستواء المرأتين في صفة الرّشد الآن ليقع التشريك بينهما مع بقاء حجة الغائبة، فأقيمت عند بعض النواب وقضى بذلك في ثاني ذي الحجة منها، والله المستعان.

* * *

وفي الثاني والعشرين من ذي القعدة قدم القاضي بهاء الدين بن حجّى من الشام، وهرع الناس للسلام عليه، ثم استقرّ في نظر الجيش صبيحة ذلك اليوم، وهو يوم الاثنين تاسع عشري شهر ذي القعدة، وظهر بعد ذلك أنه كان آخر يوم من الشهر، لأنه اشتهر أنّ جمعًا من الناس رأوا هلال ذي القعدة ليلة الأحد.

واستهلّ ذو الحجة يوم الثلاثاء بالرؤية

وفي الحادي عشر منه لبس السلطان البياض.

* * *

وفي الخامس عشر منه وصل علي بن حسن بن عجلان أمير مكة من الطور، وكان السلطان أرسل بالقبض عليه، فقُبض عليه في ذي القعدة، وجُهِّز في البحر إلى الطور،