للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونصف، والأُزُر البَيْرمي من أفلورى إلى ثلاثة، قال: "ووصل إلى مكة من اللؤلؤ والعقيق والسروى شيء كثير إلى الغاية".

قال: "وفى اليوم الثاني من ذى الحجة ازدحم الناس فمات أربعة عشر نفسًا، ثم دخل الركب الغزاوي، ثم الشامي، ثم الحلبي، ثم الكركي، ثم الصفدي، ثم البغدادي، ثم التركماني، إلى أن امتلأت بيوتُ مكة وشعًا بها وجبالها وامتدّوا إلى مِنى"، قال: "ولما وصلوا إلى عرفات أرجف مرجف بأن السيد بركات هاجم جدّة ونهبها، ولم تظهر صحة ذلك، ووصل قاسم أخو بركات حاجًا فأمنّه الشريفُ عَلِي، ولم يحدث منه سوء، مع أنّه أشجعهم وأفرسهم، وندب أخاه الذي يقال له سيف ليأخذ جماعة ويتوجّه إلى حِرَاسة جُدَّة، ثم اتفّق معه على أنه يحفظ الحاج بمنىً وعرفة، وتأخّر عن الخروج مع الحاج ليلة التاسع، فلمّا كان بعد عصر عرفة ثارت غبرة عظيمة، ثم ظهر خلق كثير من فرسان وغيرهم، فظن الناس أنه جاء في جمعه لينهبهم، فانكشف الغبار فإذا هو عَليّ ومن معه، أدركوا الوقوف بعرفة، وصحبته أخوه إبراهيم، وكان قد تغيب عنه بمكة، فلما وجده اعتذر بأنّه قيل له إنه عزم على إمساكه، فتنصل من ذلك واستصحبه معه، فحصلت الطمأنينة للنّاس، ونزلوا من صبيحة اليوم العاشر، وتجهّز المبشّر في ذلك اليوم فدخل القاهرة ليلة الأحد خامس عشرى ذى الحجة.

وفي الثاني عشر من ذى الحجة (١) لبس السلطان البياضَ، لأنّ الحرّ كان اشتد مِن يومين، ووافق السابع عشر من برمودة، فتقدّم قبل عادة القَيظ بعشرين يومًا.

وفي الرابع (٢) من ذى الحجة توجه القاضيان الشافعي والحنفي والمحتسب وجماعة إلى كنيسة اليهود الكائنة بقصر الشمع بمصر، فوجدوا فيها منبرًا له ثلاث عشرة درجة يشبه أن يكون قريب العهد بالتجديد. فتشاوروا في أمره، فبيناهم في أثناء ذلك ظهر في الدرجة التي يقف عليها الخطيب أو يقعد كتابة يلوح أثرها، فقال لهم الشافعي: "تَأملوا هذه الكتابة! ". فتداولها جماعة منهم حتى تبين أنها "محمد" وهي ظاهرة، و "أحمد" وهى خفيّة، فاقتضى الرأى إزالة المنبر المذكور، وصارت دعوى، وحكم نور الدين بن آقْبَرْس نائب الحكم وناظر الأوقاف بإزالته، وتأخّر المحتسب لذلك وافترقوا، ثم قام الشيخ أمين الدين يحيى بن الأقصرائي وكشف على اليهود والنصارى، فأبْطِلتْ عدة كنائس ختم على أبوابها إلى أن يتّضح أمْرُها، فمنها واحدة للَمَلكّيين،


(١) في كل من نسختي ز، هـ "الثاني من ذى الحجة" والصحيح ما أثبتناه بالمتن.
(٢) أمام هذا الخبر في هـ: "قصة اليهود في كتابة أحمد ومحمد على منبرهم".