للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من التصرُف ولا من التوجه من مجلس الحكم حتى يزن المال، فظنَّ القاضي أن السلطان يريد مصادرة تقى فأخبره بالرّسالة فصار يكاتب معارفه بالورق إلى أن حصّل المال في عدة أيام وهو في صورة الترسيم في مجلس القاضي، ثم كتبه عليه.

* * *

وتوجه خلق كثير من الركب إلى الساحل فأحضروا الدقيق والعليق، ولزم من ذلك أن أقاموا بالينبع أربعة أيام، ولما وصلوا إلى منزلة بدر لم يجدوا بها عليقًا فبيع النوى كل ويبة بثلث أفلورى، والبقسماط بسبعين: العشرة، ومع ذلك كان اللحم واللبن والبطيخ كثيرًا.

قرأت بخط من أثق به: لما وصل الحاج إلى مدينة الينبع كان الدقيق في أول النهار كل حمل بسبعة دنانير، فارتفع الظُّهر إلى إثْنى عشر، ثم العَصْرَ إلى ستة عشر، وكان العليق أربع ويبات بدينار فوصل إلى ويبتين، ووصل الحِمْل الفول الصحيح إلى عشرة، وكان البقسماط رخيصًا فوصل إلى ستين درْهما: كل عشرة أرطال، وكاد الجمّالة أن يهربوا، فقدّر وصل الخبر بوصول المراكب إلى الساحل وتراجع السعر إلى أن صار وسطًا وبعد ما كان أولًا وآخرا.

ومات شَعْبَانُ (١) يوّاب دار الضرب قبل رابغ (٢) بيوم، وكان وصول الركب إلى مكّة سَحَر يوم الخميس، ولم يروا الهلال تلك الليلة لكثرة الغيم، وسألوا أهل مكة فلم يخبر أحد منهم برؤيته، وتمادوا على أن الوقفة تكون يوم السبت، وأشار عليهم القاضي الشافعي أن يخرجوا يوم الخميس ويسيروا إلى عرفة ليدركوا الوقوف ليلة السبت احتياطًا، ويقفوا يوم السبت أيضًا، فبينما هم كذلك إذْ دخل الركب الشامي فأخبروا برؤية الهلال ليلة الخميس وأنه ثبت عند قاضيهم، فثبتوا على ذلك، ووقفوا يوم الجمعة، ونفروا ليلة السبت على العادة، وذكر أنه وَجَد بمكة رخاءً عظيمًا، قال: "ووصلَتْ إلى جدّة عدةُ مراكب، وأسرعوا تفريغها، فكان يدخل إلى مكة كل يوم خمسمائة حمل، وبيع الشاش الخمسيني بأفلورين


(١) عرفه السخاوي في الضوء اللامع ٣/ ١١٦٨ بشعبان صهر البدر بن الحلاوي، وذكر أنه والد زوجته وأم ولده أبي بكر، وأنه كان بواب دار الضرب، وكان موته سنة ٨٤٥ كما بالمتن وإن لم يترجم له ابن حجر في وفيات هذه السنة في الإنباء، وقد استقر بعد صهره الحلاوي.
(٢) جاء في ياقوت ومراصد الاطلاع ٢/ ٥٩٢ عن رابغ أنه واد يقطعه الحاج بين البزواء والجحفة. وقيل بين الأبواء والجحفة.