للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أصلها أن السلطان جهز هدية إلى ملك بنجالة (١) فمات فأرسل ولدُه أحمد أبو المظفر جواب الهدية بتحف كثيرة، فاتفق أن الريح ألقتهم بجزيرة قرب "ذيبة" (٢) فمات الطواشي الذي من جهة السلطان، فاحتاط أصحاب "ذيبة" على موجوده وترك الهدية، فوصلت إلى جدة فغرقت دون ذلك، فبلغ السلطان فشق عليه وأمر بالقبض على كلّ من وصل مكة من بنجالة، فقبض عليهم وعلى أموالهم حتى افتكوها بغرامة ما فسد من الهدية.

* * *

ودخل فصل الشتاء فى يوم الاربعاء (٣) السابع عشر من كيهك وقد اشتد البرد بالديار المصرية جدًا كأشد ما عهد في وسط الشتاء، وكان ذلك فى الثالث والعشرين من جمادى الأولى، وكان ابتداءً شدة البرد في يوم العشرين منه قبل انفصال الشمس عن القوْس بثلاثة أيام.

وتزايد البرد مع عدم الهواء والسحب وما جرت به العادة فى الشتاء بمصر، بل الهواء غير مزعج الهبوب مع شدة برده، فأكثر ما تهب من جهة المشرق عن يسار القبلة.

وفي الحادى والعشرين من كيهك صار الماء الذى فى البرك وبقايا الخلجان جليدا فجمع منه شيء كثير جدا بحيث صار أصحاب المزابل يجمعونه فيبيعونه، والناس يسارعون إلى شرائه والتناول منه، ويظنون أنه من جملة الثلج، وكثر ذلك جدا بحيث لم نسمع بنظير ذلك في هذه الأعصار.

وكان الأمر فى العام الماضى -مثل هذه الأيام- بالعكس من استمرار الحر وعدم البرد ألبتة، فسبحان من له الملك.

* * *


(١) هو السلطان جلال الدين ابو المظفر محمد بن فندو، راجع عنه ما جاء في السلوك للمقريزى (تحقيق زيادة ٤/ ٩٧.
(٢) دأب ناسخ هذه المخطوطة على كتابة هذه الكلمة برسم "ريبة" وقد صححنا هذا الاسم إلى ما هو وارد عليه في المتن من اتحاف الورى ٤/ ٩٩ وكان العرب يعرفون هذا الموضع، باسم "ذيبة مهل" وهى فى ارخبيل بالمحيط الهندي جنوب غربي الهند وتعرف حاليا باسم "ملديف" انظر اطلس العالم الاسلامى لحسين مؤنس خريطة رقم ٢١٢ (شلتوت).
(٣) يطابق هذا التاريخ القبطى الأربعاء ١٤ ديسمبر ١٤٣٥ م (٢٢) جمادى الأولى (انظر في تحقيق التاريخ كتاب التوفيقات الالهامية ص ٤٢٠.