للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"دوركي" ونهبوا ما حولها، ثم توجّه محمد إلى أبيه بأمر شاه رخ لقتال اسكندر، وتوجه جَانبك ومن معه إلى ملطية فحصروها، فأظهر له [سليمان بن ناصر الدين بن ذُلْغَادِر] (١) أنه معه، فكتب إليه أن يقدم عليه فقدم في مائة وخمسين فارسا فتلقّاه جانبك الصوفى فأظهر له المناصحة حتى اطمأن إليه، ثم غدر به وقبض عليه، وتوجه به ليلًا حتى دخل الأُبلسْتَيْن، وكتب إلى نائب حلب يعلمه بأنه قبض عليه في سابع عشر ربيع الأول، ويريد نقله في مقابلة خمسة آلاف دينار، فجهّز نائب حلب كتابه إلى السلطان بمصر، وجهّز ناصر الدين ولده سليمان إلى صاحب مصر للإعلام بذلك وبخبر جَانِبَك ليتخذ عنده يدًا بذلك كي يطلق ولده فياضا، ولم يكن بلغه إطلاقه، وفى غضون ذلك وصلَتْ خديجة وابنها فياض.

وأرسل جانبك كتابًا إلى بَلبان نائب "دَرَنْدَة" يستميله فقبض على قاصده وسجنه، وأرسل كتابه إلى الأشرف، فتحقق غدْر ابن ذُلْغَادِر، ووقع الإرجاف بأمر جانبك، وكثر القال والقيل ولاسيما مِمَّن يتعصب له، وكان ناصر الدين قبل ذلك نازَلَه تَغْرِى بَرْمَش نائب حلب ففرّ منه، فأمر أهل الأبلستين بالرحيل منها وأحرقها، ونهب العسكر من بقى بها، فكانت غيبته خمسين يومًا.

* * *

وفى شوال رجع رخ إلى الشرق، واستناب بتبريز "شاه جهان" وأنعم عليه بجميع نساء اسكندر بن قرايوسف، ووجد مع جانبك -بعد القبض عليه- كتاب شاه رخ يحرّضه على أخْذ البلاد الشامية، ويعده بأنّه يرسل إليه ولده أحمد نجدةً بالعساكر، فقلق صاحب مصر من ذلك، وكتب إلى نواب الشام بالاستعداد

وفى ربيع الآخر نودى بعرْض أجناد الحلقة فعُرِضوا على السلطان فقال: "اخرُجوا كلكم، من قدر على فرسٍ ركب فرسا، ومن قَدَر على حمار ركب على حمار".

* * *

وفي سابع عشره ورد الأمير شاهين الأيْدَكارى وصُحْبته قُصّادُ إسكندر بن قَرا يوسف، ومعهم رأس قَرَايُلك ورأسا ولديْه، فأمر السلطان بالرؤوس فَطِيف بها، وازّينَت القاهرة، وعلقت الرءوس على باب زويلة، وحُمِل إلى إسكندر مال.


(١) هو سليمان بن ناصر الدين بن محمد بن ذلغادر، نائب ابلستين وامير التركمان بها -وكانت وفاته سنة ٨٥٨ هـ، انظر السخاوى: الضوء اللامع ٣/ ١٠١٧.