للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السبت، وثبت ذلك فلم ينقص منه إلى الرابع من شهر ربيع الآخر سوى قدر ذراع، ودخل هاتور من الأشهر القبطية وهو على ثباته، وتأخرّ زمانُ الزرع عن العادة وضجّ الناس من ذلك، وغلا السعر في القمح وغيره إلى أن بلغ القمح نحو الدينار ثم تناقص.

وفيها استدعى شاه رخ قرايلك، وأمره بقتال اسكندر، فكان ما حكيناه (١) في السنة الماضية.

ووصل أحمد بن شاه رُخّ نجدةً لقرايُلُك، فلقوا اسكندر على "ميافارقين" (٢)، فقُتل من الفريقين جَمع جم، وانهزم اسكندر إلى بلاد الروم فوصل إلى "آق شهر" (٣)، وكاتب صاحب مصر فقام متوليها بخدمته، ودَلّ عليه أحمد بن شاه رخ فسار في طلبه، فتبعه العسكر فانهزم، ودخل "توقات" (٤) من بلاد الروم، فأرسل صاحبها يستأذن ملك الروم: مراد بن محمد بن عثمان في أمْره، فأرسل له هديةً بما قيمته عشرة آلاف دينار وأمره بإكرامه، فإلى أن يصل إليه ذلك جرى على عادته من الفساد والنّهب، فشق ذلك على متولى "توقات" وراسل صاحبه فأمر بردّ الهدية وإخراج اسكندر من بلاده، فسار إلى جهة البلاد الفُراتية، وراسل شاه رُخ ملوك الروم وجهّز لهم خِلعًا، وأمرهم بطرد اسكندر وتمليك ابنه أحمد بن شاه رخ مُلْكَ الروم، وتزوّج بنت قَرَايُلُك. ولما وصل الخبر للسلطان شرع في التجهيز للسفر وعَرْض أجناد الحلقة.

* * *

وفى الثالث من شهر ربيع الأول خُلع على شرف الدين أبي بكر بن سليمان الحلبي - سبط ابن العجمي- كبير الموقعين ونائب كاتب السر بحلب -بكتابة السر بحلب، وقرّر ولده مكانه فى جهاته، وهو معين الدين عبد اللطيف (٥)، وجهّز إلى كاتب السرّ بها زين الدين


(١) راجع إنباء الغمر ٣/ ٥٤٣ - ٥٤٤.
(٢) ميافارقين من بلاد إقليم الجزيرة وقد اطلق العرب هذا الاسم على بلاد ما وراء النهر العليا، ويرى لى سترانج في كتابه بلدان الخلافة الشرقية ترجمة يوسف فرنسيس وبشير عواد، ص ١٤٣، ان هذا الاسم إما أن يكون تحريفا لكلمة "ماي فاركات" MAYPHARKATH الآرامية أو "موفركين، الأرمنية MOUFARGIN على أن الثابت عنده هو ان اسمها القديم اليوناني هو "مرتيرو بوليس" MARTYROPOLIS أى مدينة الشهداء. وقد ذكر ياقوت في معجمه ان اسمها عند الروم هو "مدرو صالا" أى مدينة الشهداء، وقال إنها مبنية بالحجر الأبيض وحافلة بكثير من الكنائس.
(٣) "آق شهر" ويعنى بها "البيضاء" وهى من بلاد الروم، وكانت تخرج منها الطرق المؤدية إلى فارس وكذلك تنتهى عند سيواس وارزن الروم.
(٤) "توقات" وقد يقال لها "دوقاط" من الأماكن الهامة التي قامت فيها حكومات إسلامية كان أعظمها ماظهر في العصر السلجوقي. انظر لى سترانج: شرحه ص ١٧٩.
(٥) كان مولده بالقاهرة سنة ٨١٢ هـ، وقد اشتغل في الفقه على الشرف السبكي وبرع في صناعة الانشاء وتخرج فيها بأبيه ثم باشر التوقيع واستقر بعدئذ في نيابة السر سنة ٨٤٤ هـ سنة مات أبوه. راجع السخاوى: الضوء اللامع ٤/ ٨٩٦.