للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقصر عند السلطان وأُحضرت الكتب وبعضها من كلام شيخه وهي باللسان الفارسي، فقرأَ من أوّل واحدٍ منها شيئًا يسيرًا وفسّره بالعربى وهى مقالة مركَّبة من قول المشبهة والاتحادية، فقرأَ الشافعى خطَّ الشيخ علاء الدين وفيه: "أن شعر الإِنسان في رأَسه ووجهه سبعة شعور، شعر أَجفانه الأَربعة وحاجبيه ورأْسه، وأَن في وجهه شيئًا آخر سبعة، وأَن عقد أَصابعه في اليدين أَربعة عشر فذلك عدد حروف المعجم"، ونحو هذا.

وفيه: "أن الإِلهية انتقلت من الله لآدم، ومن آدم لآخر، إلى أَن انتقلت لفضل الله"، وكلامًا من هذا حاصله: "أَنَّ الله هو الحروف"، ثم أُحضر الرجل فسُئل عنها فقيل إنه اشتراها من حصن كيفا بثلاثين درهمًا ولا يعتقد شيئًا مما فيها، وأعلن بالشهادتين والتبرى مِن كل مَن يخالف دينَ الإِسلام، وصرّح بكفر من صنَّف هذه الكتب وشيخِه أَو يعتقد بما فيها، فقال له الشافعي: "إن كنْتَ صادقًا فأحرق هذه الكتب بيدك! " فامتثل ذلك بعد أن حاد عن الجواب وباشر إحراق ذلك بنفسه، ثم سأَل السلطانُ: "هل عليَّ إثم إذا أَخرجْتُ هذا وأَمثاله من بلادي؟ " فقال: "لا"، فنودي: "مَن عَرف من أَهل المذهب النَّسيمى ووُجد عنده شئ من كُتُبه وأحضره للسلطان كان له مائةُ دينار"، ثم أُمر فنودى أن يخرج جميع العجم من القاهرة والقلعة بأُسَرِهم ولا يتأَخر أَحدٌ منهم إلى ثلاثة أَيام، ثم لم يتم ذلك.

* * *

وفى يوم الأَحد ثاني عشر شعبان أُشيع موت زين الدين عبد الرحمن بن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حمدان الأَذرعى وكان مولده في المحرم سنة ٧٨٨ (١)، واشتغل على أَبيه وغيره، وسمع من الصدر [محمد بن يونس بن أحمد] بن غَنَّوم جزءًا من الخلعيات سنة بضعِ وستين بسماعه من العراقي، أَنا ابن عماد؛ وسمع الكثير من شيوخ ذلك العصر بحلب وغيرها، وقدم مع أَبيه دمشق فأَسمعه من [محمد (٢) بن محمد بن عبد الله بن عوض ومحمد


(١) الوارد في الضوء اللامع ٤/ ١٥٤ أنه ولد سنة ٧٥٩ بحلب.
(٢) فراغ في الأصل والإضافة من السخاوي: شرحه.