للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى أوله وصلت البنادقة - وهم تجار القطائع من الفرنج - فتأخّروا عن عادتهم نحو العشرين يومًا، ولم يصلوا في العام الماضى وعجلوا عن عادتهم في الذي قبله بنحو الشهرين، ولم يحفظ ذلك فيما مضى بل الذي تمادى عليه حالُهم أنهم يَصِلُون فى أول العشر الثاني من بابه ويرجعون في أوائل هاتور، فأَلزم السلطانُ التّجارَ بعدَم البيع إلى أن يباع ما يتعلَّق به، وطَلب من الفرنج أن يشتروا منه الفلفل بمائةٍ وعشرين كل حمل فامتنعوا وترَاضُوا مع نائب الإسكندرية إلى أَن اشتروا منه ثلاثمائة حمل، سِعْرُ كلّ حملٍ مائةٌ، وتوجهوا ولم يشتروا من المسلمين حِملا واحدًا، وكسدت بضائع التجار واشتدَّ أسفهم وشقَّ عليهم ذلك مشقة شديدة، والأَمر بيد الله.

وفى السادس منه -ووافق ثانى عشر هاتور- أمطرت السماء وقْتَ العصر وسرح السلطان في هذا اليوم ورجع وقد صاد.

وفي أواخر أمشير في العُشر الأخير من رجب وقع بردٌ شديدٌ وحصل المطر أيّامًا وسُرّ الناس بذلك، وتمادى البرد نحوًا من عشرة أيام أشد مما كان في طوبة وكيهك، ثم عاد فراح الوقت كما كان، وفى الحملة -من نحو ثلاثين سنة- ما عهد أقلَّ بردًا من فصل الشتاء في هذه السنة.

وفى نصف شوال أُعيد التاج الوالى إلى ولاية القاهرة وعُزل ابن الطَّبْلاوى.

وفيه قطعت إصبع عبد (١) القدوس بن الجيعان لما تكرر منه من التزوير.

وفيه اهتمّ السلطان بأمر الجسور وأمر بإتقانها وندب لذلك تمَربَاي الدويدار الثاني والوزير فاجتهدا في ذلك، ثم ضاق بالوزير الحال فى المصروف فاستعنى، وكان ما سنذكره.

* * *


(١) أمامها في هامش هم بخط البقاعي: "عبد القدوس هذا [كان بارعًا] في محاكاة خط من أراد من الناس بحيث إن خطه يعرض على المزور عليه فلا يشك أنه خط نفسه، ووقع ذلك غير مرة، فلما كثر تكرر مثل ذلك منه سجن في المقشرة، فلما تكرر ذلك منه قطعت إصبعه ثم كان يكتب ببقية أصابعه، فصار إلى مثل ما كان وأجاد ما يريد صنعته، واستمر أهله منه في علاء إلى .... " ولم يرد بعد ذلك تكملة لهذا التعليق.