للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى ذي القعدة استقرّ الشَّيخ شمس الدين محمد بن أحمد المالكى الفُرِيَّانى (١) المُغيَربى فى قضاء نابلس وتحوّل شافعيًا وسار إليها، وهو كثير الاستحضار للتواريخ، وكان يتعانى عمل المواعيد بقرى مصر وبدمياط وبلاد السواحل، وصحب الناسَ، وهو حسن العشرة، [وكان] نزها عفيفا، وقَد حدّث بحلب عن أبي الحسن البَطَرْنى وما أظنّه منه، سمع، فإنه ذكر لنا أنَّ مولده سنة ثمانين ببلده، وكان البَطَرْنِى بتونس ومات بعد سنة تسعين، ورأيت له بحلب إسنادًا للمسلسل بالأولية، مختلقًا إلى السِّلفى، وآخر أشد اختلاقا منه إلى أبى نصر الوائلى، وسئِلتُ عنهما فبيَّنتُ لهم فسادَهُما (٢)، ثم وقَفتُ مع جمال الدين بن السّابق الحموى (٣) على كراسةٍ كتبها عنه بأسانيده في الكتب السّتة أكثرها مختلق وجلها مُرَكَّب.

وأوقفنى الشيخ تقي الدين المقريزى له على تراجم كتبها له بخطه كلها مختلفة إلا الشئ اليسير، والله المستعان.

ثم وقفت على ذلك بخط الفُرّيانى المذكور وهو بضم (٤) الفاء وتشديد الراء بعدها ياء آخر الحروف وبعد الألف نون.

* * *

وفي رمضان ألزَم السلطانُ القاضىَ بدرَ الدين بنَ الأمانة بالحجّ لأنه ترجم له بأنه من المياسير وأنه قارب الثمانين ولم يحج، فسأله فقال: "حججتُ وأنا صغير" فقال لابد أن


(١) فى هامش هـ "ترجمة الفريانى"، هذا وقد ضبطنا الاسم في المتن حسبما جاء فى الضوء اللامع ٧/ ١٣١ حيث نسبه إلى فريانة التى عرفها مراصد الإطلاع ٣/ ١٠٣٤ بأنها قرية كبيرة من نواحى إفريقية قرب سفاقس، على حين أن الضوء اللامع جعل موقعها فيما بين قفصة ويبشه بالقرب من بلاد قسطنطينة؛ وكان مولد الفريانى سنة ٧٨٠ بتونس ثم قدم القاهرة عام ٨١٢ وأقام بها، وكان مالكيًا ولكنه ما لبث أن تحول شافعيًا، وكان استقراره في قضاء نابلس استقلالا، ويختلف تقدير ابن حجر الفريانى من تقدير المقريزى له اختلافًا بينًا، هذا ولم يتفق من ترجموا له على سنة موته فهى عند بعضهم ٨٥٩، وعند آخرين ٨٦٢، وجازف بعض فزعموا أنه مات سنة ٨٦٩، وهناك من اعتبر ٨٥٤ سنة وفاته.
(٢) ضمير المثنى هنا عائد على الإسنادين المختلفين المنسوبين السلفي والوائلى.
(٣) أخذ ابن السابق الحموى - وهو محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمود الحموى المعرى الحنفى - عن الفريانى"الشفا" لابن عياض، هذا وقد كانت ولايته سنة ٨١١، وكان ابن حجر كثير الثناء علية مقدرًا لعلمه، وشهر هو باقتناء الكتب والضن بها وكان لا يفارقها حتى في أسفاره، وتولى بآخره خزانة الكتب بالظاهرية القديمة ومات سنة ٨٧٧ بالقاهرة، راجع عنه الضوء اللامع ١٠/ ٧٥٦.
(٤) أنظر ضبط الإسم فى الحاشية رقم ١.