للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وركبوا بغتةً فناوشهم الخاصكيةُ القتالَ إلى الليل، فلما بلغه ذلك هرب راجعًا إلى القاهرة، وكان الذين خلَّفهم بالقلعة قد تواعدوا مع الذين خامروا عليه بالقلعة أَنهم يسلطنون ولده عليا ففعلُوا (١) ذلك بأَن اتفقوا وجاءوا إلى الزمام (٢) فأَخبروه بأَن السلطان مات وطلبوا منه أَن يُخرج لهم ولده عليا، فامتنع فهجموا عليه وكسروا بابه ونهبوا بيته وأَمسكوه وأَخرجوا الصبي قهرا فأَقعدوه بباب الستارة ثم أَركبوه (٣) إلى الإيوان وأرسلوا إلى الأُمراء الذين بالقاهرة فامتنعوا من الحضور، فأَنزلوا الصبي إلى الإصطبل ولقبوه "بالعادل"، ثم بعد يومين بالمنصور (٤)، فصعد إليه الأُمراء وأَحضروا إليه أَكمل الدين وضياء الدين القرمى (٥) وحلفوا له (٦)، فأَمسكهم بعض القائمين بالأَمر وهم طُشْتُمُر اللفاف وقَرَطاى وأَسندمر وأَيْنَبَك وحبسوهم بالقلعة: وقرروا أقْتَمِر عبد الغنى نائبَ السلطنة، ثم عُهد إلى الأُمراء الأَكابر.

ولما أَرادوا سلطنة عليٍّ عارضهم الضياءُ القرمى ووعظهم وقال لهم: "إنَّ الأَشرف أُستاذكم قد أَحسن إليكم وأَخرجكم من السجن وأَعطاكم الأَموال فكيف تكون هذه مجازاته منكم؟ "، فلم يقبلوا منه بل همُّوا بقتله فردّهم عنه قَرَطاي ورجع [القرمي] إلى بيته: فتحول إلى القاهرة.

وفي غضون ذلك وصل قازان اليرقشى (٧) وأَخبر بكائنة السلطان بالعقبة، فأَرسلوا إلى قبة النصر فوجدوا أَرغون شاه وصرغتمش ويلبغا وغيرهم من الأُمراء - الذين كانوا صحبة السلطان وهربوا معه - قد وصلوا صحبته على الهجن، فغلب عليهم النوم هناك فكبسوا عليهم فقتلوهم، وهرب السلطان لما دهموه هو ويلبغا الناصرى. ثم استخفى السلطان عند آمنة بنت


(١) عبارة "ففعلوا … ... .... ولده عليا" في السطر التالي غير واردة في ز.
(٢) كان الزمام في ذلك الوقت هو منقال الجالي.
(٣) في ز "أركبوا".
(٤) أمامها في هامش ز: "الملك المنصور على بن الأشرف شعبان وهو الثالث والعشرون من ملوك الترك بمصر".
(٥) الوارد في ذيل العراق، ص ١٨١، أنه في يوم خروج السلطان للحج خلع على الشيخ ضياء الدين القرمي بمشيخة الخانقاه الأشرفية المستجدة وتدريسها، وأقام بها وجعل شيخ الشيوخ مطلقا.
(٦) أي لابن السلطان.
(٧) في ز "الصرغتمشي" وفى هـ "المرقبي". وقد أورد العيني في تاريخ البدر، ورقة ٩٥ ب، ما ذكره قازان هذا من أَن السلطان - حين نزل العقبة - أقام بها يومى الثلاثاء والأربعاء فطلب الماليك العليق فقيل لهم: "اصبروا إلى الأزلم" فامتنعوا عن أكل السماط عصر الأربعاء، فلما كان المساء ركبوا على السلطان.