للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقالة ابن العربي، وأَحبّ المذهبَ الظاهرى على طريقة ابن حزم وامتُحِن بسبب ذلك بمكَّة على يد أَبي الفضل النّويْرى قاضيها، وكان جاور بها بعد الثمانين، وامتُحن أَيضًا بالقاهرة على يد البرهان الإخنائي وحُبس ثم أُطْلِق؛ وصحب فخر الدين بن مُكانِس وأَقرأَ ولده وأَدَّبه وتخرّج به فمهر في الأَدب، وله مطارحاتٌ مع أُدباء أَهل عصره، وهجا جماعة منهم.

وكان هو كثير الانجماع، يرجع إلى دينٍ متينٍ مع محبةٍ في المجون والخلاعة، ثم أَقلع وتاب ولازم الانجماع، وكان حسنَ الأَخلاق في أَوّل ما يصحب ثم لا يلبث أَن يتغير؛ وفي الجملة كان عديمَ النظير فى الذكاء وسرعة الإدراك إلَّا أَنَّه تبلَّد ذهنه بكثرة النسخ؛ وقد مدح القاضي برهانَ الدين بنَ جماعة بعدَّةَ قصائد طنَّانة.

سمعْتُ منه كثيرًا من شعره ومن فوائده.

وكانت وفاته فجأَةً: دخل الحمّام فمات فى الحوض يوم الاثنين ثالث عشرى جمادي الآخرة. ومن (١) نظمه:

وكنتُ إِذَا الحَوادِثُ دنَّسَتْنِي … فَزَعْتُ إلى النُّدامَةِ والنَّدِيم

لأَغْسِل بالكؤوسِ الهَمَّ عَنِّى … لأَنَّ الرَّاحَ صَابُونُ الهُمُومِ

١٥ - محمد بن المحدث عماد الدين إسماعيل بن محمد بن (٢) برْدَس بن رسلان البعلبكي الحنبلي، الشيخ تاج الدين أَبو عبد الله؛ وُلد ليلة التاسع والعشرين من جمادى الآخرة سنةَ خمسٍ وأَربعين، وسمع من أَبيه وأَسمعه الكثير من ابن الخبّاز وتفرّد به، وسمع أَيضا من محمد بن يحيى [بن عثمان] بن الشقيراء وابن الجُوخِى (٣) وابن أَميلة، وأَجاز له العُرضى والبيّاتي وابن نباتة والعلائي وغيرُهم، وانتفع به الرَّحالة، وكان محبًّا لنشر العلم والرواية


(١) من هنا حتى آخر الترجمة غير وارد في ز.
(٢) فوقها في هـ إشارة لإضافة في الهامش هي: "سقط: ابن نصر بن بردس" ويؤكد صحة هذه الإضافة أن اسمه ورد في الضوء اللامع ٧/ ٣٤٣ هكذا "محمد بن إسماعيل بن محمد بن بردس بن نصر بن بردس بن رسلان"، كما أنه جعل ولادته يوم ٢٨ جمادى الآخرة، على حين جعلته شذرات الذهب ٧/ ١٩٤ يوم السبت ٢٩ منه وجعلت وفاته في بعلبك.
(٣) هو أحمد بن محمد بن أحمد الزقاق ابن الجوخى المسند الرئيس بدر الدين، كان مكثرًا من سماع الحديث، راجع عنه الدرر الكامنة ١/ ٦٤٢.