للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن الحسن بن سلَّام (١) الدمشقى، علاء الدين أبو الحسن الشافعي، وُلد سنة خمسٍ أَو ست وخمسين، وحفظ القرآن و"التنبيه" و"الأَلفية" و"مختصر ابن الحاجب"، وتفقَّه على علاء الدين بن حجّى وابن قاضي شهبة وغيرهما، وارتحل إلى القاهرة فقرأَ "المختصر" على الركراكي وكان يطريه حتى كان يقول: "كان يعرفه أكثر من مصنِّفه" فاشتهر وتميز ومهر، وكان يبحث في حلقة ابن خطيب ببرود فينتشر البحث بين الطلبة بكثرة اعتراضاته وإشكالاته، وأصيب في الفتنة الكبرى بماله وفى يده بالحْرق وأَسروه فسار معهم إلى مَارَدِين (٢) ثم انفلت منهم، وقرّره نجمُ الدين بنُ حجّى فى الظاهريّة البّرانية (٣) بعد وفاة أَخيه، ونزل له التاج الزهرى (٤) عن العذراويّة (٥) بمساعدة ابن حجّى، ودرَّس بالركنيّة (٦) بعد ابن خطيب (٧) عذرا، وكان يحفظ كثيرا من الرافعى، وإشكالاتٍ عليه وأَسئلة حسنة، ويُقرئ في الفقه إقراءً حسنًا، وكذا "المختصر"؛ وله يد في النظم والنثر والأَدب، وكان بحثه أَقوى من تقريره، وكان مقتصدًا في ملبسه وغيره، شريفَ النَّفس حسنَ المحاضرة، وكان يُنسب إلى نصرة مقالة ابن العربي فإذا حوقق في أَمره تبرّأَ من تلك المقالات وتمحّل لها تأْويلاتٍ والله أَعلم بغيبه، وكان يطلق لسانَه في جماعةٍ من الكبار فاتَّفق أَنَّه حجّ في هذه السنة فلما رُدَّ من الحج والزيارة مات في وادى بني سالم في أَواخر (٨) ذى الحجة وحُمل إلى المدينة فدُفِن بالبقيع وقد شاخ.


(١) الضبط من النعيمي الدارس في تاريخ المدارس ١/ ٢٦١، ص ٨.
(٢) ماردين - بكسر الراء والدال - كما جاء في مراصد الاطلاع ٣/ ١٢١٩ - قلعة مشهورة على قنة جبل الجزيرة وتشرف على نيسر ودارا ونصيبين، وكان يقال لقلعتها في القرن الرابع الهجرى "الباز" وظلت زاهرة حتى القرن الثامن للهجرة، انظر ماجاء عنها في بلدان الخلافة الشرقية ص ١٢٥، ١٢٦.
(٣) هي من مدارس الشافعية بدمشق بناها الملك الظاهر غازي بن الملك الناصر صلاح الدين الأيوبى صاحب حلب، وكانت تقع خارج باب النصر غربي الخانقاه الحسامية، انظر عنها الدارس ١/ ٣٤٠ وما بعدها وحاشية رقم ٢ ص ٣٤٠.
(٤) هو تاج الدين عبد الوهاب بن أحمد بن صالح البقاعى الزهرى المتوفى سنة ٨٢٤، انظر عنه أيضا الدارس ١/ ٢٨٧ وما بعدها وراجع ما سبق، ص ٢٦٠ ترجمة رقم ١١.
(٥) الدارس في تاريخ المدارس ١/ ٣٧٣ وما بعدها.
(٦) وتعرف بالركنية الجوانية الشافعية تمييزًا لها عن الركنية الحنفية البرانية وإن كانتا من وقف ركن الدين منكورس، انظر الدارس ١/ ٢٥٣ وما يليها.
(٧) انظر الدارس ١/ ٢٥٨ - ٢٦٢.
(٨) حدد الضوء اللامع ٥/ ٨٤٤ تاريخ وفاته بالعشرين من ذي الحجة.