للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زين الدين، كان صالحًا ورعًا حسن المعرفة بالفقه على مذهب مالك، قائمًا في نصر الحق، وله أَتباع وله صيت كبير. مات في حادى (١) عشر ذي الحجة وقد جاوز الستين.

٧ - تاني بك البَجَاسي نائب دمشق، تنقَّل في الخدم في أَيام الناصر فرج، وولى نيابة حماة في أَيام المؤيّد سنة سبع عشرة، وكان ممَّنْ خامر مع قانِيباى فلما انكسروا هرب إلى التركمان، فسار آقباى وراءه إلى العَمقْ (٢) فانهزم إلى بلاد الروم، فلما مات المؤيّد دخل إلى بلاد دمشق فولَّاه ططر نيابة حماة ثم نقله إلى طرابلس في رمضان سنة أَربع وعشرين بعد أَن تسلطن في ذى الحجة من السنة، ثم قُرر في أَيام الصالح بن ططر في نيابة حلب عوضًا عن تغرى برْدى من قصروه بحكم عصيانه، فسار لقتاله وانضمَّ إليه عسكر (٣) حماة وغيره، فلما وصلوا إلى حلب هرب تغرى بردى وانضمَّ إلى كُزُل الذي كان هاربًا من المؤيّد وأَقاما في بَهَسْنَا (٤) فحاصرهما تانى بك بها، فمات كُزُل في الحصار، ثم نقل تاني بك إلى نيابة دمشق لما مات تانى بك العلائي المعروف بميق وذلك في رمضان فدخلها في شوّال.

فلما كان في صفر من هذه السنة بلغ السلطانَ عنه شيءٌ فكتب إلى الحاجب بالركوب عليه، فركبوا وقاتلوه فانكسروا منه ودخل إلى دار العدل فأَظهر الإِحسان والمخامرة على السلطان، فجهَّز إليه سودون من عبد الرحمن الذي كان دويدارًا كبيرًا في عسكر، فلما بلغ ذلك تانى بك خرج إليهم، فلما وصل إلى جسر (٥) يعقوب خالفوه في الطريق إلى دمشق فدخلوها، فرجع هو وسار حتى وصل إلى قبة يلبغا فوصلها وقد تعبت خيولُ مَن معه، ومع ذلك قصَدَهم فقاتلوه فانكسروا منه، فسار في إثرهم إلى أَن جاوز باب الجابية


(١) صحح الضوء اللامع ١١/ ١٧١ تاريخ وفاته فذكر أنه مات يوم عيد الأضحى، أما عن ورعه رعه فالمعروف عنه أنه ترك أكل اللحم أعواما قبل موته، وقيل إن ذلك تورعا.
(٢) العمق - بفتح أوله وسكون ثانيه - كورة بنواحي حلب بالشام كما جاء في مراصد الاطلاع ٢/ ٩٦٢، وانظر عنها أيضا Dussaud op. cit. pp. ٢٢ et suiv. Last
(٣) في هـ "عسكرها".
(٤) الضبط من مراصد الاطلاع ١/ ٢٣٤ حيث عرفها بأنها قلعة حصينة عجيبة قرب مرعش وهي من عمل حلب.
(٥) ويقع على نهر الشريعة، وذكر الأمير جعفر الحسيني في تعليقه على الدارس ٢/ ٢٩٠ حاشية رقم ٤ أنه يقال له اليوم "جسر بنات يعقوب".