للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٨ - عمر بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد، سراج الدين الخرّوبي، وُلد سنة إحدى وأَربعين وسبعمائة أَوْ في التي بعدها، ولم أَجدْ له سماعًا على قدْر سِنّهِ ولو اعتنى به لأَدرك الإِسناد، وقد كان له حِرصٌ على سماع الحديث فسمع بقراءتي كثيرًا وجاوز الثمانين ممتَّعًا بسمعه وبصره وعقله، وكان كثير العبادة من صلاة تطوع وصيامِ تطوّع وأَذكار، وتنقَّلَتْ به الأَحوال ما بين غنىً مفرط وفقر مدقع، فأَول ما مات أَبوه كان يُعد من التجار، ثم ورث أَباه هو وأَخوه نور الدين الذي مات سنة ثلاث وثمانمائة (١) فاتَّسع حاله وأَثرى، واشتهر بالمعرفة وحُسْن السيرة، ثم تناقص حاله فمات عمه تاج الدين [محمد (٢)] بمكة سنة خمس وثمانين وأَوصى إليه وورث منه فأَثرى واتسع حاله ثم تناقص ماله إلى (٣) أَن مات قريبه محمد بن زكيّ الدين الخروبي في سنة أربعٍ وتسعين وهو شابٌ فورث منه مالًا جزيلًا فتراجع حاله، ثم تناقص ماله إلى أَن مات أخوه نور الدين فورث منه مالًا جزيلا، ثم تناقص بعد ثلاث سنين إلى أَن ماتت أخته آمنة فورث منها مالًا جزيلا فحسنت حاله ووفَّى كثيرًا من دينه.

ثم لم يزل بسوء تدبيره فقيرًا، إلّا أَن ابنته فاطمة ماتت قبله في هذه السنة فورث منها شيئا حَسُنَتْ به حاله قليلا لكنه مات وعليه ديون كثيرة.

وخلَّف خمسةَ أَولاد ذكور، منهم: شمس الدين محمد وكان ضيّق اليدجدا فمات بمدينة بَعْلَبَك، وتلاه شقيقه شرف الدين محمد، ثم عز الدين محمد ثم بدر الدين محمد، ثم فخر الدين سليمان، وكان نابغتهم بدر الدين فإنه كان حصّل من تركة آمنة بغير علم أَبيه قدرًا جيدا وأخذ من والدته - وهى تِجَارُ بنت ناصرِ الدين بن مُسَلَّمِ كبير التجار بمصر - شيئًا كثيرا فأَثْرى وعمر بيتهم، ثم لم يلبث أَن مات في الطاعون العام سنة ثلاث وثلاثين


(١) آمامها في هامش هـ "إنما تقدم في سنة اثنتين فراجعه" والمقصود بذلك أبوهما، انظر ج ٢ من الإنباء سنة ٨٠٢ ص ١٢٣.
(٢) راجع إنباء الغمر ١/ ٢٨٥ ترجمة رقم ٣٠.
(٣) وردت هذه العبارة في هـ بالصورة التالية " .... إلى أن مات أخوه بدر الدين فورث ماله واتسعت دائرته وحسن حاله ثم تناقص حاله بعد ثلاث سنين إلى أن ماتت أخته آمنة".