إلى سرياقوس، ووصل معه نائب الشام تَنْبك ميق ودخلوا القاهرة في ثامن عشرى شهر رمضان، فساروا في تسعة أيام، ودخل معهم نائب الشام، وخُلع عليهم جميعا، وزين لهم البلد، وكان السلطان استدعى نائبَ الشام فحضر مسرعا، فطلع إبراهيم بن السلطان وبين يديه الأساري من بني قرمان وغيرهم في القيود، منهم نائب نكدة (١).
وكانت سفرة إبراهيم بن السلطان هذه خاتمة سعادة الملك المؤيد فإنه نشأَ له هذا الولد النبيه وتمّ له منه هذا النصر العظيم والشهامة الهائلة، وجاء الأُمراءُ وغيرهم يشكرون من سيرته ولا يذم أَحد منهم شيئًا من خصاله، ورجع إلى أبيه في أسرع مدة مؤيدا منصورا، فلحظتهم عين الكمال فما أخطأَت، وما حال الحول إلا وأحوالهم قد تغيرت وأُمورهم قد تهافتت، فسبحان من لا يتغير ولا يتبدل.
* * *
وفى ثالث شوال قُرر جقمق في نيابة الشام عوضا عن تنبك ميق، وقُرر تنبك في تقدمة ألفٍ على إقطاع جقمق، واستقر مقبل الدويدار الثاني في وظيفة جقمق.
وفى شعبان اجتمع العوام بالإسكندرية فهجموا أماكن الفرنج وكسروا لهم ثلاثمائة بنية خمر ثمنها عندهم أربعة آلاف دينار، ثم أراقوا ما وجدوه من الخمور، ولم يُعلم لذلك أصل ولا سبب.
وفيها اجتمع ملوك الفرنج على حرب ابن عثمان صاحب برصة فاستعد لهم.
* * *
وفى يوم الخميس ثامن ربيع الآخر فشا الطاعون وكثر موت الفجأة حتى ذعر الناس،
(١) نكدة -وقد يقال فيها نيكدة ونكيدة- من مناطق آسيا الصغرى، ويرجع تأسيسها إلى السلطان علاء الدين السلجوقى، ويشقها نهر يعرف بالنهر الأسود وعليه النواعير، راجع وصف المستوفى وابن بطوطة لها في بلدان الخلافة الشرقية ص ١٨٣.