للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها قُرر ناصر الدين باك - واسمه محمد بن خليل بن قرا بن ذلغادر - في نيابة قيسارية عن السلطان مضافًا إلى نيابة الأُبْلُستِين، وكان تانى بك نائبُ حلب - استولى على طرسوس (١) فأَمَره المؤيد أَن يسلمها إلى ناصر الدين، فجمع محمد بن قرمان عسكرا.

واستقر مقبل الدويدار الثاني شادَّ العمارة لجامع المؤيد عوضا عن ططر.

وفى (٢) ثامن عشرى المحرم حضر السلطان بالجامع المؤيدى، وحضر عنده القضاة فسأَلهم عما أَعْلَم به الحجاجُ من استهدام المسجد الحرام واحتياجه إلى العمارة، مِنُ أي جهة يكون المصروف على ذلك؟ فجالوا في ذلك، إِلى أَن سَأَل القاضي الحنبلي قاضيَ الشافعية الهرويَّ عن أَربع مسائل تتعلَّق بذلك فأَجابه، فخطّأَه في جميعها، وتقاول القاضيان: الشافعيُّ والحنفى حتى تسابَّا، وأَفحش الديري في أَمر الهروى حتى قال: "أُشهدك يا مولانا السلطان أَنّى حَجَرْت عليه أَن يفتى وحكمْتُ بذلك" فنفذ حكمه الحنبلي والمالكي في المجلس، وبلغ الهروى من البهدلة إِلى حدٍّ لم يوصف، وأَعان على ذلك شدَّةُ بُغْض الناس له وتمالئهم عليه ورحيلُ أَعوانه وأَنصاره مثل ططر وغيره، مع ما هو عليه من قلة العلم وعُجْمة اللسان.

فلما كان في الثامن من شهر ربيع الأَول قدم طائفة من الخليل والقدس صحبةَ الناظر عليهم حينئذ، وهو حسن الكُشْكُلى، فشكوا منه أَنه أَخذ منهم مالًا. عظيما في أَيام نظره، فابْتُلِيتُ بالحكم بينهم بأَمر السلطان، فتوجه الحكم على الهروى فخرج في الترسيم، فلما حاذى المدرسة الصالحية خرج إِليه الرسل الذين بها من جماعة الحنفى فأَدخلوه قاعة الشافعية وتوكلوا به، فأَرسل قاصده إلى مرجان الخزندار فنزل بنفسه فسبَّ الموكلين به ونقله إلى داره.

وفى الثاني عشر منه أَمر السلطان أَن يُوكل بالهروى فوكل به أَربعة، فشرع في بيع بعض موجودِه، وأُشيع أَنه عزم على الهرب، ثم أَمر بإِعادة ما أُودع تحت يده من مال


(١) في ث "طرابلس" وهو خطأ.
(٢) أمام هذا الخبر في ث: "واقعة من وقائع الهروى".