للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى اليوم الرابع من المحرم صلى السلطان الجمعة بالجامع الطولوني فخطب به القاضي الشافعي وكان قد طلع ليخطب به في القلعة على العادة فوجد السلطانَ قد ركب قبل الأَذان لصلاة الجمعة، فتبعه فدخل الجامعَ الطولوني، فدخل قاعة الخطابة فوجد خطيب الجامع - وهو ولد ابن النقاش - قد تهيّأ ليخطب، فتقدم هو وصعد المنبر وحصل بذلك للخطيب قهر.

* * *

وفي الثالث من جمادى الأُولى قتل حسين بن كبك، وذلك أن تغرى بردى الجكمي هرب من المؤيد من كَخْتَا فأَقام بملطية عند نائبها الأَمير منكلي بغا، فسار حسين بن كبك إلى ملطية فحاصرها، وهرب تغرى بردى إلى حسين بن كبك فأَكرمه، ثم سار حسين إلى أَزربجان وتغرى بردى في صحبته ليحاصر - بزعمه - صاحبها، فغدر تغرى بردى بحسين وهما جالسان يشربان، فضربه بسكين في فؤاده فمات وهرب إلى مَلَطْيَة، ثم توجّه إلى حلب فجهّزه نائبها إلى المؤيّد وأَعلمه بما صنع، فأَكرمه وخلع عليه إقطاعًا وخيلًا وأَمَر الأُمراء أَن يخلعوا عليه، فحصل له شيء كثير.

* * *

وفي الخامس من المحرّم توجه السلطانُ إلى وسيم فأَقام هناك نحو العشرين يومًا، ثمّ رَجع فنزل بالقصر الغربي بمنبابة (١) وأَمر الوالى أَن يشعل البحر، فحصَّل من قشور النّارنج والبيض ومن المسارج شيئًا كثيرًا إلى الغاية وعمّرها بالزيت والفتايل (٢) وأَوقدها وأَرسلها في الماء، ثم أَطلق في غضون ذلك النَّفط الكثير فكانت ليلةً عجيبة مرَّ فيها من الهزل والسّخف ما لا عَهْدَ للمصريين بمثله (٣)، وكان الجمع في الجانبين من الناس المتفرجين متوَفّرا، وفي البحر من المراكب جمعٌ جم.

وفي سادس عشرى المحرم قُبِض على يَلْبُغَا المظَفِّرى أَمير سلاح واعتُقل بالإسكندرية، وذلك أَنّ بعض الناس وشى به إلى السلطان فتخيّل منه فقبض عليه.

وفي الثامن والعشرين من المحرّم نودى بالقاهرة أَنّ كلَّ غريب يرجع إلى وطنه، فاضطربت الأعاجمُ وسعوا في منعه إلى أَن سكن الحال واستقروا.


(١) أمامها في هامش هـ: "تارة يسميها هكذا وتارة أنبوبة، ولو قال إمبابة موافقة لما تشهر به بين الناس الاستراح".
(٢) في ز "القناديل".
(٣) أمامها في هامش هـ: "قلت على أنهم من أكثر الناس سخفًا وهزلا فهذا من الإغراق في وصف هذه الليلة".