للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة بضع وسبعين واشتغل، وحفظ "المنهاج" في الفقه و "المحرّر" لابن عبد الهادى وغيرهما، وأَخذ عن الزهرى والشريشي والصرخدى وغيرهم، ولازم الملكاوى حتى قرأ عليه أكثر "المنهاج"، ومهر في علم الفقه وفى الحديث، وجلس للإشغال بالجامع والنفع إلى الطلبة، وكان قليلَ الغيبة والحسد بل حَلف أنَّه ما حسد أحدًا. مات مطعونًا في ربيع الآخر وقد تقدم ذكر والده (١) قريبًا (٢).

٣٢ - محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعْد الله بن جماعة، عز الدين بن شرف الدين بن عز الدين بن بدر الدين، وُلد سنة تسعٍ (٣) وأربعين وسبعمائة بمدينة ينبع، وسمع من القلانسي والعَرضى والتباني (٤) وجدّهِ وغيرهم، وأُحْضِر على الميدومى، وأجاز له جماعة من الشاميين والمصريين بعناية الشيخ زين الدين العراقي،، ونشأ مشتغلا بالعلم، ومال إلى المعقول فأَتْقنه حتى صار أُمّةً وحده، وبقيت طلبةُ البلد كلها عيالًا عليه في ذلك، وصنّف التصانيف الكثيرة المنتشرة، وقد جمعها في جزءٍ مفرد وضاع أكثرها بأَيدي الطلبة، والموجود منها النصف (٥) الأول من "حاشية العضد"، وشرح "جمع الجوامع" وقدْ أَخذْتُ عنه هذَيْن الكتابيْن، وله على كل كتاب أقرأَهُ -مع أنَّه كاد أن يقرئ جميع هذه المختصرات- التَّصنيف والتصنيفان والثلاثة ما بين حاشيةٍ ونكتٍ وشرْح، وكان أُعجوبة دهره في حُسْن التقرير، ولم يُرْزَق ملكةً في الاختصار ولا سعادةً في حُسْن التصنيف، بل كان بين قلمه ولسانه كما بينه هو وآحاد طلبته، وكان ينظم شعرًا عجيبا غالِبُه غير موزون ويُخْفِيه كثيرًا إلَّا عمَّنْ يختصّ به ممَّن لا يدرى الوزن، وأقرأ "التنبيه" و "الوسيط"، وأقرأ "شرح الألفية" لولد المصنف وكتب عليه تصنيفًا، وأقرأَ "التسهيل" و "الكشَّاف" و "المطوّل" لسعد الدين وكتب عليه شيئًا سمَّاه "المعوّل،" و [أقرأ] "الشرح


(١) راجع ما سبق ص ٧٨ ترجمة رقم ٥.
(٢) انفردت نسخة ز بإيراد الترجمة التالية: "محمد بن أبي بكر بن الحسين المراغي ثم المدنى، القمني بن الشيخ زين الدين. ذكره المؤلف في معجمه".
(٣) "سبع" في هـ.
(٤) في بعض النسخ -وكذلك في الضوء اللامع ٧/ ٤١٧ - "البياني" وهو خطأ، ذلك لأن البياني: نجم الدين عمر بن نصر ابن منصور مات في سنة ٦٨٣، وقد ترجم له ابن كثير، وإن كان مذكورًا في السلوك، ١/ ٧٢٧ باسم "البيساني".
(٥) "التصنيف" في هـ.