للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القلعة، فأَرسل السلطان يسأَله عن ذلك فقال: "لم يَثْبُتْ هذا في السُّنَّة" فسكت عنه وتُرك فِعْلُ ذلك بعد ذلك، وكان مقصدُ السلطان في ذلك جميلًا (١).

وفي ذي القعدة أخذ نائب طرابلس قلعة الأَثارب - وهى من قلاع الإِسماعيلية - عنوةً وخرّبها حتّى صارت أَرضًا.

* * *

وفى أَواخر ربيع الآخر ابتدأَ النيل في الزيادة ثم توقَّف ونقص أَّربعة عشر إِصبعا، فأَرسل السلطان طائفةٌ من القُرَّاءِ إِلى المقياس فأَقاموا فيه أَيامًا يقرءَون وتُطْبَخُ لهم الأَطعمة، وأَمَر سودون صوفى حاجبَ الحجاب أَن يرْكبَ إِلى شاطئ النّيل ويحرق ما يجده هناك من الأَخصاص التي توضع للفساد ويطهرها ممّا فيها من المناكر كالزنا وشُرْب الخمْر والّلواط، وكانوا متجاهرين بذلك غير مستحين (٢) منه فأَوْقَع بهم ونَهب بعضُهم بعضًا، فقدّر الله بعد ذلك وفاءَ (٣) النيل وزاد الوفاء زيادةً بالغةً إِلى أَن انتهت إِلى عشرين ذراعًا سواء، ثم ثبت إِلى وقت انحطاطه ثباتًا حسنا.

وفى ثانى عشري ربيع الآخر دخل ميناءَ الإسكندرية مركبٌ من الفرنج ببضاعةٍ، فثار بينهم وبيْن بعض العتَّالين شرٌّ آل إِلى القتال، فأَخَذَ الفرنجُ مركبًا فيها عدةٌ من المسلمين، فبعث إليهم النائبُ غريَمهم العتَّالَ فردّوا ما أَخذوه من المسلمين وانتقموا من العتَّال، ثم وثبوا على مركبٍ وصلَتْ للمغاربة فأَخذوها بما فيها فما نجى منها غير خمسة عشر رجلًا سبحوا في الماء.


(١) في هامش هـ بغير خط الناسخ "مطلب في نزول الخطيب من المنبر درجة عند دعائه السلطان في الخطبة"، وتحتها بخط آخر "نزول كاتبه درجة عن المنبر عند ذكر السلطان".
(٢) في هـ "محتشمين".
(٣) الوارد في التوفيقات الإلهامية ص ٤١١ أن غاية فيضان النيل بمقياس الروضة بلغت هذه السنة ١٨ ذراعًا و ١٠ قراريط، ثم كان الوفاء عاشر مسرى سنة ١١٣٤ ق، المطابق ليوم الأربعاء ٢٩ جمادى الثانية و ٣ أغسطس سنة ١٤١٨، راجع أيضًا تقويم النيل، ج ١ ص ٢٠٧.