للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوجدوا قانباى قد تقدّم فتبعوه فأَخذوا من ساقته أَغنامًا، ووصل قانباي إِلى سَلَمْيَة (١) في سلخ رجب، ثم رحل من حماة في ثانى عشرى شعبان فوافاه إِينال نائبُ حلب وسودون من عبد الرحمن نائبُ طرابلس وكثُرَ جمعهُم.

ووَصل إِلى القاهرة محمد بن إِبراهيم بن منجك (٢) في ثالث عشر رجب، فحقَّق للسلطان عصيانَ قانباى وأَخبره بالوقعة التي انهزم هو فيها معه، فلم يكذب السلطان خيرًا وأَصبح منزعجًا فأَنفق في العسكر وعيّن مَن يسافر معه منهم، وأَعفى القضاة والخليفة عن السفر معه، لكن سافر معه القاضي الحنفى ناصرُ الدين بنُ العديم باختياره، وسار جريدةً (٣) بعد وصول ابن منجك بأَيّام يسيرة وذلك في ثانى عشرى رجب؛ وقَرَّر في نيابة الغيبة ططر، وقرر سودون صقل حاجب الحجاب، وقطلوبغا التنمى نائب القلعة، وعُزل ابن الهيصم عن الوزارة في تاسع عشرى رجب، وشغرت الوزارة فقرر أَبوكم في نظر الدولة ليسد المهِمّات في غيبةِ السلطان بمراجعة الأُستادار.

واستمرّ السلطان في سفره فدخل دمشق في سادس شعبان، وكان قد دخل غزة وخرج منها يومه، ثم خرج من دمشق في ثامن شعبان.

فلما كان في ثاني عشر شعبان - قبْل أَن يصل السلطان بعسكره - التقي عسكر قانباي وإِينال ومَن معهما وعسكر السلطان، فالتقى العسكران فانكبس أَقباى الدويدار وأُسر منهم جماعة من العسكر وانهزم بعضهم، فاتفق موافاة السلطان في صبيحة ثاني يوم الوقعة قد نزل العسكر واشتغلوا بالنَّهب واطمأَنوا، فطلعت أَعلامه عليهم من وراء أكمة فولُّوا


(١) الضبط من مراصد الاطلاع ٢/ ٧٣١ حيث عرفها بأنها بليدة في ناحية البرية من أعمال حماة في الطريق منها إلى حمص، وقد سماها. Dussaud : op.cit سلمية بكسر الميم انظر أيضا ٥٢٨. Le Strange : op، it. p حيث ضبطها بفتح السين واللام وكسر الميم وتشديد الياء.
(٢) نشأ ابن منجك هذا بدمشق حتى صار من جملة أمرائها زمن الناصر فرج، لكنه كان شديد الالتصاق بالمؤيد حتى امتحن بسببه، وأنعم عليه المؤيد بتقدمة بدمشق وبإقطاع في مصر، وكان كارها لمظاهر المسلوكية والإمرة والسيادة حتى إن السلطان المؤيد كان يهدده - إذا غضب عليه - بأن يوليه نيابة دمشق وهي أعلى النيابات، وكانت وفاته سنة ٨٤٤ هـ.
(٣) عليها علامة بقلم الناسخ في ك، وفى الهامش بها "أي الطليعة وهو الجاليش".