للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَقرانه، ودخل الدّيار الشامية بعد الخمسين فسمع بها وظهرت فضائله وكثر الآخذون عنه، ثم دَخل القاهرة ثم جال في البلاد الشمالية والشرقية، ودَخل (١) الهند وعاد منها على طريق اليمن قاصدًا مكَّة، ودخل زبيد (٢) فتلقّاه الملك الأَشرف إِسماعيل بالقبول وكان ذلك بعد وفاةِ جمال الدين الريّمي (٣) قاضي الأَقضية باليمن كلِّه، فقرّره الملك الأَشرف مكانه وبالغ في إِكرامه فاستقرَّت قدمُه بزبيد واستمرّ في ذلك إلى أَن مات؛ وقدم في هذه المدّة مكة مرارًا وأَقام بها وبالطائف ثم رجع.

وصنّف "القاموس المحيط" في اللغة لا مزيد عليه في حُسْن الاختصار، وميّز فيه زياداته على "الصحاح" بحيث (٤) لو أُفْرِدَت لكانت قدْر "الصحاح"، وأَكثر في عدد الكلمات وقرئ (٥) عليه؛ وكان ابتدأَ أَوّلًا بكتَابٍ كبيرٍ في اللغة سمّاه "اللَّامع والعلم العجاب، الجامعُ بيْن المحكم والعباب" وكان يقول: "لو كان يكمل لكان مائة مجلدة". وذكر عنه الشيخ برهان الدّين الحلبي بأَنَّه تتبعَ أَوهام "المجمل" لابن فارس في أَلف موضع، وكان مع ذلك يعظِّم ابنَ فارس ويثني عليه، وقدْ أَكثر المجاورةَ بالحرميْن، وحصّل دنيا طائلة وكتبًا نفِيسةً لكنَّه كان كثير التبذير، وكان لا يسافر إِلَّا وصحبَتُه عدَّةُ أَحمال من الكتب ويُخْرجُ أَكثرها في كلِّ منزلة: فينظر فيها ويعيدها إِذا رحل، وكان إذا أَملق باعها.

وكان الأَشرفُ كثيرَ الإِكرام له حتَّى إِنه صنَّف له كتابًا وأَهداه له على أَطباقٍ فملأَها له دراهم؛، وصنَّف للناصر كتابا سمَّاه "تسهيل الوصول إلى الأَحاديث الزائدة على جامع الأُصول" و "الإِصعاد إلى رتبة الاجتهاد" في (٦) أَربعة أَسفار، وشرع في شرح مطوّل على "البخاري" ملأَهُ بغرائب المنقولات، وذكر (٧) لي أَنَّه بلغ عشرين سفرًا،


(١) عبارة "ودخل الهند. ....... وبالطائف ثم رجع" س ٦ غير واردة في ظ.
(٢) كان دخوله إياها سنة ٧٩٦ هـ كما جاء في كل من الضوء اللامع ١٠/ ٢٧٤ وشذرات الذهب ٧/ ١٢٧.
(٣) في ك "الرسمي".
(٤) عبارة "بحيث لو أفردت لكانت قدر الصحاح" ساقطة من ك.
(٥) عبارة "وقرئ عليه ........ إذا أملق باعها" س ١٤ غير واردة في ظ.
(٦) عبارة "في أربعة أسفار" غير واردة في ظ.
(٧) عبارة "وذكر لي أنه بلغ عشرين سفرا" غير واردة في ظ.