للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليلة الأَحد فغُسل وكُفِّن وصلى عليه ودُفن بمقبرة (١) باب الفراديس، ولم يكن له جنازة مشهورة، فسبحان المعزّ المذلّ.

* * *

وكان شيخ يحلف أَنه لا يريد قتله ولم يُرد إلَّا أَن يسجنه ببعض الأَماكن منفيا ويرتب له ما يأْكل ويشرب، ووافَقَه جماعةٌ من الأُمراء، منهم: يشبك بن أَزدمر؛ إلا أَن نوروز وبكتمر جلق لم يأْمنا عاقبته فحرّضا على قتله وساعدهم الحُكم ابن العديم بقتله بسيف الشرع فقُيِل.

ولقد كان الناصر هذا أَعظم الناس خذلانًا لدين الإسلام وأَشأَمهم طلعةً على المسلمين، والعجب أَنه لما وُلد أَقبل يلبغا الناصري ومنطاش فبشَّرا به أَباه فسمَّاه "بُلْغَاق" يعني "فتنة"، فلما خلص أبوه من الكرك سماه "فرجًا"، فكان اسمه الأَول هو الحقيقى.

* * *

وفى عاشر صفر قُبض على الإخنائى وابن المزوق والغرس الأُستادار وعبد الرزاق ناظر الجيش وصودروا، وخُلع على صدر الدين بن الأَدمى بكتابة السرّ بدمشق وعلى الأمويّ بقضاء المالكية بها.

وتقرّر الأَمر بين الأُمراء أَن يكون الأَميران (٢) يدبّران الأَمر بين يدى الخليفة، وأَن ينزل شيخ بباب السلسلة وينزل نوروز في بيت قوصون، فلما كان الخامس والعشرُون من صفر (٣) التَمس نوروز من الخليفة أَن يقرّره على نيابة الشام فأَجابه إلى ذلك وخلع عليه وصَرف بكتمر جلق عنها واستقر أَميرًا كبيرًا بالقاهرة، واعتلّ نوروز بأَنه يخشى وقوع الفتنة وأَن التدبير لا يليق أَن يكون إلَّا لشخص واحد فأجيب لذلك، وفُوّضت له كفالة الشام كله، وجُعل له تعيين النواب والبلاد وتعيين الإقطاعات لمن يراه، وكذلك أَمْرُ القضاة والمباشرين فيطالع الخليفة بمن يرى تقريره فيكتب له تقليده

* * *


(١) في هـ "بقبر باب الفراديس"، وفى ز "بمقربة باب الفراديس".
(٢) المقصود بذلك شيخ ونوروز.
(٣) في ث "محرم". وأمامها في هامشها "ولاية نوروز الثانية للشام".