للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حبيب: "عالم حاز أَفنان الفنون الأَدبية، وفاضلٌ ملك زمام العربية" وقال ابن حجي: "كان حسن الخلق كريم النفس شافعي المذهب".

١٨ - أَحمد بن إمام الدين محمد بن زين الدين محمد بن أَمين الدين محمد بن قطب الدين محمد بن أَحمد القسطلاني المكي، الخطيب شهاب الدين، سمع الكثير على الرضي الطبري وكان (١) خيرًا متمولًا. مات بمكة عن تسع وستين سنة (٢).

١٩ - أحمد بن يحيى بن أَبي بكر بن عبد الواحد التلمساني المعروف بابن أَبي حجلة نزيل دمشق ثم القاهرة، شهاب الدين أَبو العباس، ولد بزاوية جده بتلمسان سنة خمس وعشرين، واشتغل ثم قدم إلى الحج فلم يرجع، ومهر في الأَدب ونظمَ الكثير ونثر فأَجاد، وترسّل ففاق، وعمل المقامات وغيرها، وكان حنفي المذهب حنبلي المعتقد، وكان كثير الحطِّ على الاتحادية، وصنّف كتابا عارض به قصائد ابن الفارض كلها نبوية، وكان يحط عليه لكونه لم يمدح النبي ، ويحط على نحلته ويرميه - ومَن يقول بمقالته - بالعظائم، وقد امتُحِن بسبب ذلك على يد السراج الهندي.

قرأْتُ بخط ابن القطّان وأَجازنيه: "كان ابن أَبي حجلة يبالغ في الحطّ على ابن الفارض حتى إنه أَمر عند موته - فيما أَخبرني به صاحبه أَبو زيد المغربي - أن يوضع الكتاب الذي عارض به ابنَ الفارض - وحط عليه فيه - في نعشه ويدفن معه في قبره ففعل به ذلك"، قال (٣): "وكان يقول للشافعية إنه شافعي، وللحنفية إنه حنفي، وللمحدثين إنه على طريقتهم" قال: "وكان بارعا في الشعر مع أَنه لا يحسن العروض، وعارض المقامات فأَنكروا عليه" قال: "وكان كثير العشرة للظلمة ومدمني الخمر" قال: "وكان جده من الصالحين فأَخبرني الشيخ شمس الدين مرزوق أَنه سمي بابن حجلة لأَن حجلة أَتت إليه وباضت على كمه".

وولي مشيخة الصهريج الذي بناه منجك ظاهر (٤) القاهرة، وكان كثير النوادر والنكت ومكارم الأخلاق، ومن نوادره أَنه لقّب ولده "جناح الدين"؛ وجمع مجاميع حسنة منها: "ديوان الصبابة"


(١) الوارد في الدرر الكامنة ١/ ٧٥٨، أنه لبس الخرقة من جدته عائشة بنت الشيخ قطب الدين القسطلاني.
(٢) الوارد في ع، هـ أنه مات عن ست وستين سنة، لكن رواية المتن هنا أصح إذ تتفق وما جاء في الدرر الكامنة، من أن مولده كان سنة ٧١٧ هـ.
(٣) يعني بذلك ابن القطان وكذلك فيما بعده.
(٤) "ظاهر القاهرة" غير واردة في هـ.